بالمصادفة وفي الطريق السريع المتجه من الدمام إلى الظهران وجدت لوحة سوداء كتب فيها بخط أبيض «الصلاة أو النار» الحمد لله فالشخص الذي قطع الشارع السريع والمزدحم ومعه سلم ومسامير وحبال ليعلق اللوحة في الجزيرة بين الطريقين بالإضافة إلى كونه ذا عزيمة وإصرار هو شخص تعددي وديموقراطي بحيث ترك للمارة الحق في الاختيار, هذا يذكرني بحكاية من الأدب الروسي الشعبي ترجمها الأستاذ علي سالم وتحكي عن قسيس ساخط في قرية ريفية روسية, كان محور مواعظ القسيس لأفراد القرية هو الشيطان, لا تفرحوا فالشيطان يفرح لفرحكم، لا تأكلوا اللذيذ من الطعام فالشيطان يكمن في هذا النوع من الطعام فيجب عليكم الزهد، لا تبتهجوا لا ترقصوا لا تسمعوا الموسيقى، ولا تلقوا النكات، والسبب يكون دائما الشيطان فترسخ لدى سكان القرية نمط حياة ضد الشيطان في سلوكهم وتفكيرهم. وذات صباح خرج القسيس إلى قرية مجاورة, وحين أصبح وسط الغابة خرج له شخص أنيق ليقول له أعرفك بنفسي أنا الشيطان, تمالك القسيس نفسه وهو يستعيذ بالله منه وأكمل سيره ولكن الشيطان مشى بجواره, وفجأة سقط الشيطان في حفرة فطلب مساعدة القسيس ولكن الأخير رفض، فقال له الشيطان لو تركتني في هذه الحفرة فسأموت وحينها ماذا ستفعل أنت؟ بماذا ستعظ الناس؟ كانت حجة منطقية جدا ولكن القسيس رفض، وقال سأحدثهم عن مواضيع أخرى, فرد عليه الشيطان عن ماذا ستحدثهم؟ عن أهمية حقوق المواطنة والحريات، عن التقدم العلمي، عن افتتاح جامعات هندسة وتكنولوجيا واقتصاد، عن أهمية الصناعة، عن أهمية القراءة واكتساب المعارف واللغات, وأيضا أنت بلا حرفة لتكسب عيشك بعرقك لو مت أنا, حياتي مرتبطة بوجودك فلو مت لم يعد لك أهمية يا صديقي القسيس. وبعد تفكير وجد القسيس أن كلام الشيطان ذكي وواقعي جدا فمد له يده وأخرجه من الحفرة وسارا معا عبر الغابة وهما يتحدثان في سرور.