تمت السيطرة على باب العزيزية مقر العقيد الليبي معمر القذافي في العاصمة طرابلس بعد قتال عنيف، الثلاثاء الماضي. وقام الثوار منذ ذلك الحين بحرق ونهب وتشويه المكان الذي كان لسنوات رمزا يصعب دخوله. وتمت كتابة أسماء كتائب المقاتلين الذين سيطروا على المقر بالرذاذ على جدران المجمع. وكان القذافي وصف مناهضيه من هذا المكان بأنهم «جرذان»، إلا أنه فر ويتوق من وصفهم ب«الجرذان» الآن إلى الانتقام. وهتف مقاتلو المعارضة قائلين: «ها نحن هنا» أمام أنقاض المبنى الذي كان القذافي يوجه منه التهديدات والتصريحات في كلماته التي نقلها التليفزيون. وأحرق بعض المقاتلين العلم الأخضر الذي يرمز إلى حكم القذافي بينما وقف آخرون لالتقاط الصور التذكارية وسط بحر من الطلقات الفارغة على الأرض. ورغم وقوع مناوشات متفرقة في بعض مناطق طرابلس حتى بعد فرار القذافي، فإن المقاتلين الموجودين في باب العزيزية لا يعبؤون بالأمر كثيرا ويجوبون المكان بالسيارات. ولم يبق من الخيام التي اعتاد القذافي استقبال الشخصيات المهمة فيها سوى أرض محروقة وأجهزة تكييف هواء متفحمة. وعثر المقاتلون على ما بدا أنه مجمع محصن تحت الأرض لا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق سلم وفتحة صغيرة. وتوجد في الأسفل عربة جولف كانت تستخدم فيما يبدو في نقل الأشخاص عبر الممرات الواسعة في المجمع. وعلى بعد نحو 30 مترا عثر المقاتلون على ما بدا أنه استوديو سينمائي ومكتب وغرف للتخزين. وأغلقت أقسام مختلفة بأبواب من الصلب وأجهزة أمن إليكتروني ووضعت كاميرات مراقبة في المكان. ويؤدي باب للخروج إلى ملعب يضم مكانا لاحتساء الشاي وملاهي، لذا يبدو أن المنطقة كان تستخدمها عائلات الدائرة المقربة من القذافي. وقال أناس يعيشون بالقرب من باب العزيزية إنهم لا يريدون أبدا أن يستخدم الموقع قاعدة عسكرية مجددا بعدما عانوا من مضايقات مستمرة من عملاء أمن تابعين للقذافي ثم اضطروا إلى تفادي الشظايا التي أصابت منازلهم أثناء الغارات الجوية لحلف شمال الأطلسي. وأشار جيران إلى أن قوات القذافي كانت تطلق النيران لتقتحم المنازل وتعتلي الأسطح في محاولة لرصد تقدم المعارضين. وقالت غالبية السكان إنهم يريدون أن يتم تحويل المكان إلى حديقة أو مستشفى أو مدرسة أو فندق، لكن مقاتلا يجوب الموقع مع ابنه كان له رأي مختلف. قال محمد رياني وهو طيار متقاعد يبلغ من العمر 62 عاما: «أريد أن يبقوا عليه كما هو. لا أريد أن ينسى أحد ما حدث هنا والدروس التي تعلمناها... خوفي الأكبر هو أن يأتي يوم وننسى».