في ظل المد والجزر الثقافي والاجتماعي الذي يعيشه الفرد وهو بغير معزل عن التحولات التي تؤثر وتتأثر به يبرز دور النخب الفكرية في المجتمع في تأسيس معنى ومبررات التحولات والتغيرات التي تطرأ على الحياة الاجتماعية والثقافية باعتبارها متطلبات لعصر حضاري جديد له مناخه وأدواته. وحينما أشير إلى النخب الفكرية فإني أقصد كل أطيافها الشرعية الدينية أو الليبرالية الحداثية كواجب مجتمعي يساهم في رتق الخلل المعرفي لدى الفرد العام. وليس في تقاذف الذم وممارسة سبل الإقصاء. ومن العجيب أن البعض لم يقرأ ما طرحه المفكر أو يحاول فهم ما قصده فيحكم عن طريق الرواية المتواترة التي تصل إليه بالزيادة أو النقصان وتسقط عليها ذاتية الناقل حسب منهجه ومزاجيته. فإن شوهت صور المفكرين والمثقفين في الأذهان أو حتى كان الخطاب المضاد بصورة متشنجة كيف يمكننا أن نضمن لها -النخب الفكرية- عطاء فاعلا في المجتمع و«هي التي تحرك التاريخ» كما يقول بذلك بارتيو وغيره. فالضبابية المتعمدة التي تعلو الأفق الفكري لبعض الأطياف ستقود المجتمع نحو الاضطراب والتوتر في الخطابات ثم إلى مالا يحمد عقباه. في محاضرة لعبدالله بن بيه في فرنسا يقول مرافقه «إنه دخل القاعة وكان عند مدخلها لوحة جميلة فسأل: ماذا لو كانت اللوحة بيضاء هل ستبدو جميلة؟ فقيل له: لا. إن جمالها بالأشكال فقال: إن التعدد البشري والتنوع الإنساني إبداع رباني يخلق منه نسيج الجمال». فلولا الاختلاف لما أنتج النسيج الإنساني العلوم والمعارف والحضارة والجمال. لذا فإن توحيد النظرة المستقبلية مهم لمجتمع يحرص على هويته وممارسة الحياة برقي كي يحيا عظيما كما هو حلم كل منا لكن.. من يبعدنا عن فوهة البركان؟