لم تكن تتوقع أسماء محفوظ، هذه الفتاة ذات ال26 ربيعا تحلم يوما بأن تؤدي الصرخة التي أطلقتها عبر موقع اليوتيوب في مقطع فيديو بصوتها وصورتها إلى تحول تاريخي في مسار بلدها مصر، لا يماثله سوى انقلاب الضباط الأحرار على نظام الخديوي، وانتصار السادس من أكتوبر المجيد. وسيبقى «نداء 25 يناير» للمشاركة في احتجاجات بميدان التحرير بالقاهرة وكافة المحافظات المصرية، والذي تجاوب معه آلاف الشباب، خالدا في أذهان كافة المصريين؛ لأنه كان أول شرارات ثورتهم، فأطلقوا على الناشطة لقب «قاهرة نظام مبارك» من فرط إعجابهم بوعيها وذكائها وهي تحكي لهم بالعامية المصرية. ورغم كل مضايقات رجال الأمن لها، وتخوف أبويها عليها كلما نزلت إلى ميدان التحرير للمشاركة في المسيرات المليونية، إلا أنها ظلت صامدة في وجه كل التحديات لصنع ثورة بيضاء ستظل خالدة في تاريخ مصر، بل وفي ذاكرة العالم أجمع. وفي أول مشاركة لها بموقع «فيس بوك»، قامت بترشيح نفسها رئيسة لجمهورية مصر العربية عام 2011. وكانت المفاجأة أن قوبلت باستحسان ما لا يقل عن 300 عضو في صفحتها بعد إنشائها بساعات قليلة. وظلت أسماء طوال الأعوام الخمسة الأخيرة تعيش في مواقع الإنترنت هنا وهناك، متأرجحة بين حماسها الثوري لأجل مصر، وبين ضيقها من طريقة الحياة المتعبة خلال فترة حكم الرئيس السابق حسني مبارك. وكتبت كل هذا في يومياتها التي هي الآن بحوزة الجهات الرسمية. وكتبت أسماء هذه اليوميات بصيغتها العامية «اللهجة المصرية» ونشرت أجزاء منها في صفحتها الشخصية. ويتبين من اليوميات أن أسماء انتمت بقلمها وفكرها منذ أربعة أعوام إلى ثورة جيل الشباب الصاعد وأنها شاركت في عدة فعاليات ومسيرات متنوعة منها ما كان في حركة كفاية، ومنها ما كان مع مسيرة المحامين وطلبة جامعة القاهرة وما إلى ذلك. واستفادت من بعض الدورات التدريبية التي نظمتها الحركة للأعضاء، الذين لا يملكون تجربة سياسية. ثم تعلمت أشياء كثيرة من خلال الممارسة والاحتكاك بالناس وبالنشطاء السياسيين. وقبل انطلاق احتجاجات 25 يناير كانت تقوم بطباعة وتوزيع منشورات تطلب من المواطنين في الأحياء الشعبية المكتظة بالسكان المشاركة في الاحتجاج على النظام والمطالبة بحقوقهم، مع التركيز على الشباب والفتيات. وكشفت أنها حاولت التظاهر عدة مرات في ميدان التحرير مع بعض زملائها بالحركة احتجاجا على قيام بعض المواطنين بإحراق أنفسهم، لكن قوات الأمن أبعدتهم عن الميدان.