بلا طعم أو لون أو حتى رائحة، فضلا عن أن يكون بلا شكل، تقف عشرات الفتيات متلهفات لما يمكن أن يشكل لهن الموضة، باحثات عما يقربهن للغرب شكلا ومعنى، ومتخليات عما يمكن أن يلصقهن بالشرق معنى ومضمونا، ظنا أنه لا يوحي إلا بالعيب. هنا وهناك باتت الأشكال النسائية المتمثلة في الإكسسوارات لا يمكن أن تتخلى عنها أي فتاة، ولا يمكن أن تكون بعيدة عن أسوار أي منزل، الأمر الذي جعلها تجارة رائجة، يسعى التجار لتوفيرها للراغبات، وما أكثرهن. ولأنها الموضة، كان واضحا أن ظاهرة الإكسسوارات النسائية استطاعت في فترة وجيزة أن تجذب فئة كبيرة من الفتيات المراهقات، اللاتي يعرفن أنه لا سبيل أمامهن للاعتراف بقدرهن إلا باتباع تلك الموضة الغربية، حذو القذة بالقذة، حتى إن كانت مرفوضة شكلا ونوعا ومعنى ومضمونا، في البلدان المسلمة،. ومع شهر رمضان يحرص التجار على توفير كل ما من شأنه المساعدة على تزيين النساء، استعدادا لأيام العيد المقبلة، والتي يبدأ لها الاستعداد مبكرا، ولأن الغرب استباح الأسواق المسلمة بكل ما هو مقبول أو غير مباح. «شمس» ذهبت إلى مواقع الإكسسوارات النسائية التي فتحت المجال واسعا لكل ما هو غير مقبول، بدعوى البيع لمن يرغب، والمبرر توفير كل حاجات الأفراح والمناسبات السعيدة لكن اللافت للنظر أن موقع تركيب بعض تلك الإكسسوارات بات يشوه أماكن خفية من مناطق الجسم، في انتهاك واضح للحرمات. والغريب أن بعض الصيدليات ومحال التجميل، شرعت فعليا في توفير تلك الإكسسوارات لمن تريد وتشتري، وهم يعرفون مسبقا مواضع التزيين الخفية والظاهرة، بتلك القطع المعدنية المستخدمة في هذا الشأن، والتي تتخذ أشكالا وألوانا وأنواعا مختلفة، فمنها ما هو على شكل القلوب، وهو الأكثر رواجا ورغبة عند الفتيات، ومنها ما يباع على شكل الدمعة والفراشة وغيرها من الأشكال التي أطلق عليها الباعة اسم «الرومانسية» التي تعشقها بعض المراهقات. نعم نبيع اعتراف أعلنه البائع العربي المسلم، الذي يعمل في أحد المحال في شارع السويلم في العاصمة الرياض، يدعى أحمد المنصوري، والذي يزيد أن: «الفتيات هن الأكثر شراء لمثل هذه الإكسسوارات مختلفات الأعمار ما بين 17 و25 عاما كونهن يسعين خلف الموضة التي تمارس في الدول الغربية». ويشرح: «لهذه الحلقات اللاصقة أشكال وألوان عدة، فمن ألوانها لون الكريستال الذي يعطي لمعة وبريقا للحلقة اللاصقة، ولهذه الحلقات طرق عدة لاستخدامها حيث تستخدم بطريقة اللصق وهذه الأكثر استخداما، ومنها ما تستخدم بطريقة التعليق بالمغناطيس حيث يأتي للحلقة رأسان ممغنطان يوضعن في أجزاء من الجسم الخفية، وبعضها لها زوائد لجذب الانتباه». ويحدد البائع المنصوري الأوقات الأكثر بيعا لهذه اللواصق: «هي أوقات المناسبات والسهرات، وأكبر سوق لها هو موسم الإجازات حيث تتفرغ الفتيات لهذه الإكسسوارات ويقبلن عليها بجنون، خصوصا شكل الفراشة حيث تأتي هذه الحلقة باللون الأحمر المطرز ببعض الفصوص الفضية وتستخدم باللصق في الأماكن الخفية». أسعار معقولة ويعترف البائع بأن الأسعار التي تباع بها تلك الإكسسوارات معقولة جدا: «فبعضها لا يتعدى عشرة ريالات ومصادرها الرئيسية هي الصين وكوريا، ولكنها أكثر استيرادا من فرنسا والهند، حيث إنهم يصنعونها بطرق تجعل الفتيات المراهقات أكثر إقبالا حيث تسأل عنها الفتيات نسبة إلى مصدرها اللواصق الفرنسية أو الهندية». حقيقة اللواصق ولأنها الحقيقة والعيب في آن واحد يكشف بائع الإكسسوارات العربي المسلم محمود حسين أن الفتيات المراهقات يتخفين عن أولياء أمورهن لشراء هذه القطع، كونهن على قناعة بأنها غير لائقة للفتاة العربية: «الباحثات عن هذه القطع يأتين وهن يبدين جهلهن بها، ويبدأن بالسؤال عنها على استحياء، ويشرن إلى أنهن لا يرغبن في الشراء ولكن لمجرد الاطلاع ولا يغادرن المحل إلا وقد اشترين بعض القطع». للشباب نصيب ويعترف البائع بأن أمر اقتناء تلك الإكسسوارات لا يتوقف للأسف على جنس بعينه: «بالعكس هناك إقبال من بعض الشباب على تلك القطع واللواصق، وكنت في البداية أستغرب من شاب يأتي نهاية كل أسبوع لشراء حلقات لاصقة في أماكن حساسة ليخفيها عن الأنظار ويغادر السوق مباشرة». لماذا اللواصق؟ عقب الانتهاء من الجولة الميدانية عبر شمس بعدما تأكدنا أن تلك الإكسسوارات غزت أسواقنا، بدأنا نقتفي آثار السبب الذي يجعل الفتيات مقبلات على هذا النوع من اللواصق، والتي لوضعها يضطررن إلى التجرد من ملابسهن والتعري، فما الذي يجعل فتاة مسلمة مجبرة على اقتفاء هذا النوع من الإكسسوارات؟ ومن أين لهن بأماكن التركيب والتخريم؟ ولا تخجل الفتاة عفاف سعيد من المصارحة بأن مجتمع الفتيات معروف عنه أنه يعشق الموضة وكل ما هو جديد: «وبخصوص موضة التخريم فإنني شخصيا أفضل اللصقات على أن أقوم بتخريم جسمي، بعيدا عن أي موضع كان، لأنني أرى أنه لا فائدة من التخريم وإيذاء الجسم، خصوصا إذا كانت في أماكن غير ظاهرة، وكل ما في الأمر مجرد ساعات بسيطة تتجمل فيها الفتاة لزوجها أو لحضور مناسبة ما، لكنني أنتقد بعض الفتيات اللاتي يضعن مثل هذه الإكسسوارات في أماكن غير ظاهرة، لأنها تكون مؤقتة، وليست دائمة ويكون وضعها في أماكن ظاهرة كاليدين أو الخدود أو الرقبة». وتشير إلى أنه فيما يتعلق بالتخريم بحلقات معدنية في الشفتين أو اللسان: «فهي منتشرة في هذه الفترة بين الفتيات المراهقات في كثير من العالم الإسلامي، ويسمين أنفسهن الإيمو، وكل هذه الظواهر تقليد للغرب وليست من عاداتنا». ليست حراما وعلى العكس من التصنيف الأول تقف الفتاة علياء المالكي، موقفا مغايرا لا يرفض تلك الإكسسوارات جملة وتفصيلا، في ظل قناعتها بعدم انتهاكها للشرع والدين، حسبما ترى: «فلا أعتقد أن الإكسسوارات اللاصقة التي تستخدم على شكل الزينة تخالف ديننا الإسلامي، كما أنها ليست غريبة بين أفراد المجتمع لأنها تمثل الزينة الأخرى مثل المونيكير وغيرها من الإكسسوارات الأخرى، ولكن على حسب الأماكن التي توضع فيها، لذا إنني أؤيد وضعها أسفل الساق أو الساعد، أما في الأماكن التي لا خلاف على أنها عورة للمرأة فأرى في هذه الحالة أن اللواصق تعد مخالفة للإسلام وللمجتمع الإسلامي المحافظ، كما أنها لا تتناسب مع قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا لأنها ستضطر إلى كشف الأماكن التي تعد عورة من جسم المرأة، وهو أمر غير مقبول شرعا ولا أخلاقا». وتعود إلى تأكيد أن رؤيتها فيما يسمى حلقات الخرم التي توضع في الأنف والحاجب وغيرهما من الأماكن في الجسم بقصد الزينة: «فهي قبل أن يكون منظرها غريبا وتشويها للخلقة، فإنها تدل على فئة يجب ألا يكن بيننا، وهي من عادات بعض النساء في المجتمعات المنحلة غير المتمسكة بأي دين أو أخلاق، لأنهن يضطررن إلى ثقب أماكن التركيب، والتعذيب فيها ظاهر، فقد يؤدي إلى أذى بالنفس وتشويه لمنظر الوجه أو الجسم، فهي إلى التشويه أقرب منه إلى الزينة». عرض وطلب في إحدى الصيدليات، في أحد الشوارع الشهيرة بالرياض، يؤكد الصيدلي أشرف عمرو، أنه لاحظ أن كثيرا من المراهقات يطلبن الحلقات المعدنية المثبتة في أماكن خاصة من الجسم، بل يسألن عن أماكن بيعها، ويستفسرن عن حلقات الخرم التي تحتاج إلى ثقب بسيط في موضع الحلقة مثلما يعمل في الأذن دون اللصق، ومثل هذا النوع قد يكون صعب الوصول إليه بعكس اللواصق المنتشرة في محال الإكسسوارات: «سبق أن واجهت موقفا حيث أتت إلى الصيدلية إحدى الفتيات التي ظهر عليها الاستعجال، وطلبت مني أن ألصق لها حلقة لاصقة لا تعرف كيفية استعمالها، لكنني رفضت لأن في ذلك انتهاكا لها ولعورتها، حتى وإن كان الثمن بمقابل مقدر» .