منصب مستشار الرئيس الأمريكي للأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب واحد من أهم المناصب الحكومية في أمريكا، ويشغله حاليا جون برينان، قد لا يعرف الكثير منا جون برينان، وقد يكون مجرد ذكر اسمه من باب التفاخر أمام الآخرين بسعة الاطلاع، والتبحر في السياسات الدولية ومن يصنعونها، ومما لا شك فيه عندي أن برينان أحد الذين يصنعون سياسة أمريكا ويؤثرون فيها وذلك بحكم موقعه المتقدم، لكن الذي أثار فضولي للكتابة عن برينان بالتأكيد ليس التباهي أمام القارئ، فحتى يوم، أمس، لم أكن أعرف برينان، ولو سألني أحدهم لظننت في أحسن الأحوال أنه ممثل صاعد أو مغن يظن الصخب فنا. عرفت بالأمس فقط أن هذا الرجل المؤثر في صناعة القرار السياسي الأمريكي هو صاحب أعلى راتب سنوي في البيت الأبيض، ويجب أن يلاحظ القارئ جيدا كلمة سنوي، فهذا المستشار يتقاضى سنويا 172200 دولار، أي نحو 645750 ريالا في السنة، وبالطبع هذا المبلغ لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يشتري به أحد منزلا متهالكا في قرية نائية، لكن مع أن المرتب السنوي المتواضع جدا حين مقارنته بالمكانة التي يشغلها برينان فإن الوضع لدينا مختلف، فهناك أشخاص كثر يشغلون مناصب في جهات عادية غير مؤثرة في شيء يتقاضون رواتب أعلى مما يتقاضاه معالي المستشار الأمريكي، وبعضهم قد يتقاضى راتبا أكبر من راتبه لكن بصفة شهرية، وهناك من يتقاضى راتبا كبيرا دون أن يضيف شيئا للبلد. خلاصة القول إن الأمريكيين ومثلهم عموم الغربيين حبهم من أحبهم وكرههم من شاء يضعون الأمور في مواضعها، وهناك حدود يقف العقل عندها ويحترمها، فيما نحن لا نزال حائرين في تحديد مفهوم الحدود قبل تحديد مواقعها، وأحيانا لا نفهم لماذا يعطى «شحاذ» مرة يرتدي عباءة الشعر، وأخرى يطل علينا فيها بوشاح سياسي، وتارة متعمما بالدين، وغيرهم من المؤلفة قلوبهم وغير المؤلفة الملايين؟ الحيرة تزداد حين ندرك أنهم لا يستحقون ريالا واحدا!