عزيزتي القارئة.. حين يقدم لك الرجل خاتما، انتبهي لتلك الزنزانة التي سيسجنك فيها. لا شيء يهبه الرجل مجانا، وما نحن سوى أفضل استثماراته. كل أسورة ملفوفة حول معصم، هي قيد لاعتقالنا وسوقنا إلى مستقبل من الحياة المعدنية بطلاء ذهبي.. من مثل خاتم ذهبي، قفص ذهبي، وبعدها تفقدين ذهبك الروحي، سبيكة تلو سبيكة، وتفقدين مخزونك الاحتياطي من الفرح.. حيث يسيل الرجال دموعنا إلى ماء وأوجاعنا إلى سجائر لتدخيننا. عزيزتي القارئة.. لا هدية دون «تمنين»! كل شيء مسجل في ذاكرة الرجل، حبيبا أو زوجا، زميلا أو رب عمل... وكل الهدايا ما هي إلا فخاخ لنقع في شركها كالطيور الغبية.. حذار الغباء، فكل هدية كطعم في صنارة لأسماك بلهاء مثلنا تصدق ما تراه خبزا، وعندها نعلق من زلعوم زلعومنا. عزيزتي العزيزة الأعز.. دام عزك يا قارئة أخاطبك أنا الملوعة، الملسوعة، من كل هدية قدمها لي أحدهم، ونقضي العمر كله في دفع فواتير عاطفية ومالية لنرد الجميل... كأننا ندفع ثمن هديتنا ونطلب من الرجل أن يهدينا إياها. كل وروده تتحول إلى أكاليل في مدافننا، تلك الباقات من الزهر تسلبنا عطرنا. تلك الضمات من الزنابق، تحولنا إلى عيدان حطب... بعد كل هدية ثمة إهانة في الطريق إلى آذاننا. هي الشتائم المعطرة تفج وتفج طبلة الأذن.. لنصبح بعدها طرشان... بعد كل دعوة إلى عشاء رومانسي، احذري، ستكونين في نهاية السهرة أنت الشمعة، التي تحترق وتذوب، كرغوة صابون يحفها ويحفها حتى لا يبقى زيت ولا زيتون في العين! أنا البلهاء، الهبلة، استهبلني، واستغباني عمرا بكامله رجل أحببته وتزوجته، ولم أعرف أن الهدايا التي يقدمها لي، كانت اعتذارات عن خيانات لم أعرف بها إلا بعد مرور زمن لا بأس به. حين يهدي الرجل شيئا ما، يكون قد اقترف خطأ. كل هدية تذكرني بذنب اقترقه.. كل هدية تعويض عن خسائر لا تعوض.. كل هدية في غرفتنا تذكرني بامرأة ما. هذا بيت ممتلئ بالهدايا. هذا بيت من الأخطاء. هذا بيت تحول إلى علبة هدايا فارغة. عزيزتي القارئة.. من منكن ترغب في هذا الرجل، سأقدمه هدية مجانا... يحيى جابر