أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، أمس، مذكرة توقيف بحق كل من الزعيم الليبي معمر القذافي وابنه سيف الإسلام ورئيس المخابرات الليبية عبدالله السنوسي بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في عدة مدن أهمها طرابلس وبنغازي ومصراتة. وكان المدعي العام بالمحكمة لويس مورينو أوكامبو طلب منها إصدار أوامر اعتقال بحق الثلاثة بتهمة «القتل العمد للمحتجين في ليبيا» بعد أن أحال مجلس الأمن القضية للمحكمة. وأصدر القضاة قرارهم خلال جلسة استماع علنية في لاهاي بهولندا. يذكر أن الانتفاضة في ليبيا أسفرت عن سقوط آلاف القتلى وأجبرت نحو 650 ألف ليبي على الفرار إلى خارج البلاد و 243 ألفا آخرين على النزوح إلى مناطق أخرى في الداخل، بحسب الأممالمتحدة. وكان مدعي عام المحكمة باشر تحقيقاته في الثالث من مارس الماضي بعدما فوضه مجلس الأمن الدولي القيام بذلك. وهو يتهم القذافي بأنه «أعد خطة لقمع التظاهرات الشعبية بشتى الوسائل ومنها استخدام العنف المفرط والدامي». وجاء في تقرير أوكامبو أن قوات الأمن الليبية اتبعت «سياسة ممنهجة» لشن هجمات على مدنيين بهدف بقاء سلطة القذافي. كما اتهم سيف الإسلام القذافي بتجنيد «مرتزقة» للمساهمة في مواجهة الانتفاضة التي اندلعت ضد نظام والده. أما عبدالله السنوسي أهم مساعدي القذافي وصهره، فيتهمه المدعي العام بتنظيم هجمات استهدفت متظاهرين. وبعد أن وافق القضاة على طلب المدعي العام، أصبح معمر القذافي ثاني رئيس دولة تصدر بحقه مذكرة توقيف عن المحكمة أثناء وجوده في السلطة بعد الرئيس السوداني عمر البشير. ميدانيا، دوت ثلاثة انفجارات في العاصمة طرابلس في الوقت الذي يستعر فيه القتال بين الكتائب الموالية للقذافي والثوار على بعد نحو 80 كيلومترا منها. «الانفجارات بدت قريبة أكثر من سابقاتها التي تعودنا على سماعها خلال الأيام والأسابيع الأخيرة»، حسب الصحفية رجاء رزق، من طاقم شبكة ال« سي إن إن» الأمريكية في طرابلس. وتجري مواجهات ضارية بين كتائب القذافي والثوار أثناء تقدمهم نحو بلدة بئر الغنم القريبة من معقل القذافي في طرابلس. ولم تكشف التقارير عن سقوط ضحايا في المواجهات، التي قال الصحفي ديفيد آدامز إن الطرفين استخدما فيها المدفعية الثقيلة. وأوضح أن الطائرات المقاتلة التابعة لحلف شمال الأطلسي «الناتو» استهدفت نظاما لإطلاق الصواريخ، جرى نصبه على شاحنة حكومية في البلدة. وفي لندن، قال رئيس الوزراء الصيني ون جياباو إن بلاده أجرت اتصالات مع كل من طرفي الصراع في ليبيا. وأضاف متحدثا عبر مترجم خلال مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون «نأمل أن تحل القضية الليبية عبر وسائل سياسية سلمية لتقليل الأضرار البشرية خاصة بالمدنيين الأبرياء». وتابع «نحترم خيارات الشعب الليبي.. أجرت الصين أخيرا اتصالات مع كل من الحكومة والمعارضة في ليبيا وهو ما يعكس الموقف النزيه للصين فيما يتعلق بهذه القضية». من جهة أخرى، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه يرفض أي حل للأزمة الليبية يكون للعقيد القذافي دور أو مكان فيه. وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية في بروكسل مايكل مان إنه يجب على القذافي مغادرة السلطة، ويجب إرساء وقف غير مشروط لإطلاق النار وأن أي حل للأزمة يجب أن يتم دون إشراك القذافي. وأوضح المتحدث أن الاتحاد الأوروبي ليس طرفا في أي مفاوضات محتملة بين النظام والمعارضة في ليبيا، ولكن موقفه يظل واضحا ويتمثل في ضرورة مغادرة القذافي للحكم وتنظيم مرحلة انتقالية تشرك جميع مكونات المجتمع الليبي وتضمن إرساء دستور جديد وتنظيم انتخابات. وكانت الحكومة الليبية قالت إن مستقبل القذافي غير مطروح للنقاش، وإنه يبقى «الخيار التاريخي الذي لا يمكن استبعاده»، متراجعة عن تصريحات صدرت في وقت سابق عرضت إجراء مفاوضات بشأن دوره في المستقبل .