طفت على السطح العديد من البرامج ذات الطابع الجماهيري وتستهدف خلق المنافسات القوية بين الشباب من مختلف الفئات سواء في مجال الشعر أو الفن أو غيرهما من المجالات، إلا أن المتهافتين على تلك البرامج لمعرفة المواهب الجديدة التي سيبزغ نجمها بعد أفول النجوم السابقة خاب أملهم بعد أن تحولت تلك البرامج إلى تجارة وضحك على الذقون، ليس ذلك فحسب، بل إن التجارة والربح طغيا على غيرهما من الأساسيات التي تقوم عليها تلك البرامج، خصوصا أن تلك البرامج افتقدت المواهب الحقيقية، إضافة إلى عدم وجود معايير محددة يتم خلالها اختيار المتسابقين، ذلك أن من يحدد الفائز وليس لجنة فنية تعرف من الموهوب ومن يستحق الفوز، بل إن كل برنامج يقوم على التصويت والترشيح من خلال الرسائل القصيرة، وهؤلاء الذين يبعثون بتلك الرسائل غالبيتهم العظمى ليسوا من الكفاءات التي تستطيع تقدير المواهب، وقد يكون من منطلق التعصب وليس جمال الصوت أو الأداء، بل لأنه ابن بلده، الأمر الذي يدفع بالمتسابقين للاستنجاد بمواطني بلدهم ويناشدونهم الفزعة، وبالتالي يركن إلى التصويت وليس إلى قرار اللجنة المشرفة على المسابقة، ما يعني أن البرنامج مشروع يقوم على الربح والمردود المادي بشكل أساسي، وهذه البرامج حدث ولا حرج، فلا تكاد قناة تخلو من مثل هذه النوعية من البرامج التي فيها من السذاجة الشيء الكثير. ومع ذلك فلا أحد ينكر مدى حاجة المواهب الشابة إلى مثل هذه البرامج التي تنمي مواهبهم وتصقلها وتوجهها التوجه السليم الذي يجعل لها فيما بعد مكانة في الوسط الذي تنتمي إليه سواء كان شعريا أو فنيا أو غيره، وتصبح ممن لهم حضور قوي ينافسون من خلاله العمالقة ويمشون على خطاهم شريطة أن اللجنة الفنية هي التي تقرر من الفائز وليس عدد الرسائل أو الاتصالات التي يتلقاها البرنامج. ولا يعني هذا أنه لا توجد برامج تخدم المواهب بشكل احترافي راق وتتعامل معها بكل تفان وإخلاص، فهناك العديد من البرامج التي لها وجودها في العالم العربي وتعمل على صقل وتنمية الموهبة دون اللجوء إلى الأساليب التجارية البحتة التي تفقدها مصداقيتها وتسلبها بريقها من أجل المادة متجاهلين المواهب وأهميتها.