مع الميزانية الحكومية المخصصة للمشاريع وتدني نسبة سعودة الوظائف وتوطينها من قبل هذه الشركات ومن قبل كثيرين من رجال الأعمال، لم يعد مجديا في هذا الوقت الاستمرار في التعامل الناعم مع هذا القطاع برجال أعماله وشركاته. لقد مضى زمن التذكير بأهمية مشاركتهم في المسؤولية الاجتماعية، والإسهام في مكافحة غول البطالة الذي يعاني منه شباب الوطن من الجنسين، في بلد يتمتع بالثروات ويراكم فيه التجار وملاك الشركات الكبرى الأرباح الخرافية من ثروة الوطن، مستفيدين من كل أنواع التسهيلات في أسعار الوقود التشجيعية، واستقدام العمالة الرخيصة من شتى بقاع العالم، والتمتع بالتمويل من صناديق التنمية الحكومية، والإعفاء الضريبي الذي لا يتوفر لأي قطاع أعمال في أي دولة في العالم. مضى زمن يتشدق فيه البعض من رجال الأعمال وملاك الشركات بضعف التأهيل ومستوى التعليم وإجادة اللغة الإنجليزية ومهارات الحاسب للشابات والشبان، والاتهام الجاهز لهم بعدم الجدية والحرص على العمل. لسنا في حاجة للإعلان عن سقوط كل محاولات توطين الوظائف وسعودة نسبة منها، وتمكين نسبة كبيرة من شبابنا من العمل المنتج الشريف. إذن، ومع كل هذه المعطيات فإننا لم نعد في حاجة إلى منة هذه الفئة من رجال التربح وشركات تكديس الأموال، ولا حتى لما يمارسه البعض منهم من دعاية يتوقع أنها تمثل ما هو مطلوب في باب المسؤولية الاجتماعية، كلا، بل نحن في أمس الحاجة إلى سن القوانين الضريبية المعتمدة في غالبية دول العالم ذات الأنظمة الاقتصادية الفاعلة، ضرائب على دخل الشركات والتجار، ورسوم جمركية دون استثناءات، وإلغاء تسهيلات التمويل والاقتراض الميسر وغيره وعدم بيع الوقود والمحروقات والكهرباء والطاقة بأسعار تشجيعية لهم ولشركاتهم.. ومن ذلك كله سيتحقق لوزارة المالية وفر كبير جدا يصل إلى مئات الملايين شهريا وبعض المليارات سنويا.. وهنا يمكن إضافة ذلك إلى ما يتوفر لدى صندوق تنمية الموارد البشرية بعد إيقاف الإعانات التي تقدم للشركات مقابل توظيف الشباب.. وسوف تجد الجهة المسؤولة في وزارة المالية وسيلة لاستثمار هذه الأموال المتوفرة من أجل إطلاق مشروع توظيف فاعل لشباب وشابات الوطن وإنشاء شركات استثمارية تدعم هذا المشروع وتعتمد في إدارتها على عقول أبنائنا وبناتنا.. وليتشدق تجار الغفلة حينها بما يرغبون.