إن أكثر دخيل يمكنه أن يسرق المتعة من الإنسان، ويسحب بساط نشوة الانتصار من تحت أقدامه، وينغص عليه فرحة النجاح، حلم الديمومة والخوف من الفقد، والدخول طوعا في دوامة التوجس والتوقعات، فلم تؤرقك النهاية وأنت في منتصف الطريق وحتى بدايته؟! ذلك الوضع يفتح لك قائمة من التساؤلات حول إيمانك باستحقاق ما تملك، ومدى قيمة ذاتك، ومصداقية حبك لنفسك، وموقعك الفعلي في الحياة، فمن السذاجة أن تنشغل بمستقبل لا تملكه، وتعرض عن أعظم لذة تشكل واقعك، في صورة تحاكي الجزرة المعلقة أمام الحمار، مهما حث الخطى ليصلها، تبقى السهل الممتنع، وتخدم أغراض راكبه، وينتهي الآخرون من غاياتهم وأنت تلاحق الوقت الآتي، لتحقق صورا من صنع خيالك! وقد أسهم البعض ممن تبنوا فكرة تطوير الذات وإدارة الوقت في تحويل الفرد الطموح إلى ورقة تطير في مهب التغيير، فما قيمة حلم بعيد، إن كان اليوم يدار على قطعة من جحيم القتال حول المستقبل؟ وإذا بحثنا بين أسباب الإحباط الذي يفاجئ الإنسان، ليتراجع حماسه عن بلوغ هدفه، نجد أهم سبب يمكن في عيشه للغد دون أن يكون اليوم سببا كافيا ليحتفي به، ويعيشه بأدق تفاصيله. صحتك جيدة، احمد الله واستمتع بها، لديك شريك تحبه، عاشره واسعد بصحبته، وليأتي الغد كيفما كان، معه أو دونه، لا يمكنك تغيير وظيفتك حاليا، تعايش معها واكسب خبرات جديدة تزيد من تألق سيرتك الذاتية، تمارس عادة لا تروقك، تخلص منها دون أن تمس تقديرك لذاتك ولا تقارن نفسك بغيرك، وإن صعب الأمر، فابحث عن التعويض بعادة جيدة ترفع رصيد مزاياك وإن بقيت الأخرى ملازمة لك، لديك رغبة مؤجلة لأي سبب كان، افعلها الآن وتحمل المسؤولية، يشغلك حال أبنائك، قدم ما تستطيع واترك لهم حرية القرار، الوضع لا يعجبك، توقف عن الشكوى ورثاء الذات، وغير وجهتك. وبمناسبة الحديث عن الشكوى التي لا يكاد يمر يوم دون أن نسمعها، يقول الدكتور واين دبليو: «الشكوى بمثابة الملاذ الذي يهرع إليه من ليس لديهم ثقة بأنفسهم».