لقد أحزننا ما حصل للدكتور طارق الجهني (رئيس قسم الأسنان في مستشفى الملك فيصل التخصصي في جدة) بسبب خطأ طبيبة تخدير غير مرخصة «إن جازت تسميتها بالطبيبة»! أودى بحياة الجهني وذلك أثناء تخدير الدكتور لإجراء عملية تدبيس معدة في أحد المستشفيات الأهلية الشهيرة!. نسأل الله أن يغفر له ويتغمده برحمته.. وفي الإطار ليست هذه الحالة العاشرة أو المائة وبالتأكيد لن تكون الأخيرة أو حتى قبل الأخيرة. فحالات كثيرة راحت ضحية تخدير كل مافي الأمر أن أنينهم أو ربما (تأبينهم) لم يصل للصحافة بشكل أو بآخر نتمنى أن لا يفهم أو نتوهم إن صح القول بأن جل أسباب أخطاء التخدير نتيجة (عدم الترخيص) على غرار ما حصل للدكتور الجهني بل نحسبها من جملة الأسباب وإلا لما كانت بهذا الكم والحجم ونوشك أن نزعم أننا لا نكاد نسمع عن الأخطاء الطبية إلا ونكتشف أن التخدير سبب ضالع ورئيسي..! يتصدر قائمة مخرجات الأخطاء الطبية بل ربما طغى على مادونه من أخطاء أخرى كونه أي (أخصائي أو أخصائية التخدير) قالا كلمتهما وسبق السيف العذل والباقي تعرفونه فإما وفاة أو شلل وأقله وطأة اختلاطات طبية قد ترافق المريض وتقض مضجعه طيلة حياته لدرجة أن الكثيرين باتوا يخشون إجراء العملية لا بل أضحى مجرد التفكير فيها يشكل هاجسا مرعبا ليس خوفا من الجراحة وتبعاتها رغم خطورتها بقدر خوفهم من أخطار التخدير وتداعياته.. أعرف مرضى تستدعي حالتهم إجراء عملية امتنعوا عن إجرائها واختاروا مضطرين تجرع تداعيات مرضهم نزولا على خلفية ما سمعوه من أهوال التخدير ومخاطره المفارقة المحزنة. إن كثيرا من الحالات ولنقل الضحايا كانت شكواهم أو مرضهم والتي أجريت بمقتضاها العملية بسيطة.. كاستئصال مرارة أو الزائدة الدودية أو (تدبيس) ونحو ذلك وكانت العاقبة أليمة ومحزنة نتيجة جهل أو إهمال أو بهما معا في جرعة التخدير. لسنا هنا بصدد الإساءة إلى أخصائي التخدير . وأعترف بعدم وجود جردة بأعداد الذين تسببوا في أخطاء من هذا النوع بعضها مميتة.. ولا بأعداد ضحاياهم لكن بالمقابل لا أحد ينكر بل من غير المفيد التعامي عن وجود مثل تلك الحوادث وتكرارها رغم ذلك ليس من الإنصاف أن نعمم فهناك الكثير من ذوي الكفاءة والمشهود لهم بالإخلاص والتفاني والدقة.. عموما لابد من التساؤل الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل التخدير علم معقد ومعضل ويحتاج لمن يمتهنه أن يكون خارقا وفذا من نوع خاص وفريد؟ أم أنه من السهولة والبساطة بمكان لدرجة تجعل صاحب المهنة يعطي الجرعة كيفما اتفق أو حتى بعيون معصوبة دونما أدنى تركيز لجهة كم الجرعة ودرجة تأثيرها واستطرادا أخطارها تبعا لاختلاف وتباين الحالات المرضية ؟ أم أن من يتسمون بهذه المهنة وأخص تحديدا الذين تسببوا ويتسببون في أخطاء ليس لهم علاقة البتة بعلم التخدير وبكلمة أوضح وربما أكثر صراحة مهنة من لا مهنة له ؟. أعلم سلفا أن تلك التساؤلات لن تروق لوزارة الصحة وربما تفهم أو تفسر على أنها من قبيل السخرية والتهكم .. أيا كان الأمر ما يعنينا في هذا الوارد هو إيجاد حل سريعا وناجزا ينهي الغموض الذي يلف التخدير كي لا نقول مجاهله المسكونة بالخوف والتوجس والإهمال سمه ما شئت وأضف إليه ما أردت من مفردات، أو الاعتراف بأنه علم (فوق العادة) لا يقبل الطرح والجمع وخارج نطاق السيطرة والتحكم وبمعنى من المعاني يستعصي فك طلاسمه أو حتى التكهن بنتائجه واستتباعا ضحاياه، أتمنى أن لا أكون سببا في زيادة مخاوف وتوجس الناس من التخدير لكن يبقى الحذر مطلوبا وضروريا حتى تنقشع غمامة الغموض والضبابية عن التخدير وتداعياته.. إلى ذلك الحين ليس بوسعنا ولا نملك إلا أن نطلق عليه البعبع. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 229 مسافة ثم الرسالة