حينما كان عمري 12 سنة شاهدت فيلم «من أنا ؟» ل جاكي شان. وتأثرت به جدا. فرحت أتسلق جدران البيت وأمشي على أطرافها وأقفز وأدور في الهواء لأصنع حركات قتالية، كل هذا وأنا وحدي. كان تقمصي حقيقيا، كنت حينها أريد أن أكون جاكي شان. وبعدها بسنة ربما شاهدت فيلم «نوتنغ هيل» الذي لا يزال حتى اليوم رقم 1 عندي في الفئة الرومانسية، فتركت جاكي شان في طيرانه ولبست تلك العباءة الساحرة العفوية في هذا الفيلم. رحت أضع نفسي مكان هيو غرانت وكيف أن المصادفة ستفعل الكثير لي قريبا، وسأحصل على ما أريده حينها. هذا جانب واحد من جوانب عدة نخلق فيها شخصياتنا ونعيش فيها. هذه الأمثلة في الأدوار السينمائية تحدث أضرارا جسيمة فيما لو لم تتكون الشخصية المعرفية بعد، أقصد في سن الطفولة وما يليها بسنوات عدة، لأنها ترسم المثال في مثالية متكاملة شهية تغني عن الالتفات إلى الأب أو الأخ كمثال مزدحم بالأخطاء والثغرات. وفي الوقت الحاضر بات ظهور شخصيات فكرية واعية تملك بضاعة قيمة للإصلاح «المثال» الحاضر أمام أعين الشباب، حتى يصبوا قوالبهم تماما في ظل هذه الأمثلة، أذكر هنا مثلا الدكتور سلمان العودة وطارق السويدان والشقيري وغيرهم، خاصة بتواجدهم وتواصلهم الدائم، فهم كأمثلة تتردد أمام أعيننا كثيرا. إن المشكلة ليست في السير على المثال بما تقتضيه الحال، فهذا محبب في ثقافتنا، فقد أتى مفهوم «القدوة» وإرهاصاته في موروثنا الديني والثقافي كعلامة بارزة على النجاح والفلاح، ولكن «العيش في المثال» ومحاولة التقليد الكاملة تفضي إلى محو معالم الشخصية المتفردة لكل واحد منا، مما يكرر لنا الأشخاص في عباءات ووجوه مختلفة، وهذا التكرار غير مفيد، فالتنوع مطلب مهم للحضارة. أخيرا.. أحب أن أنبه إلى دور ما تبثه وسائل الإعلام الآن من تشويه المثال المفترض للمسلم والمسلمة، إذ بتنا نعيش في عوالم وردية غربية تماما أو حتى تركية اسطنبولية. نحن بحاجة إلى سينما وإعلام بشكل عام هادف وواع بدوره في صناعة المثال. مدونة عبدالله الزهري http://rosebreeze.blogspot.com/