مشكلتنا الحالية أننا متخلفون نعيش في زمن التطور! والتطور ليس بعدا زمنيا فنحن لا ندركه، ولكنه حاضر في الجهة الأخرى من الكرة الأرضية. ولما ترحل إلينا نواتج تلك الحضارات المتطورة تخرج لدينا ظاهرة اختلاط المفهوم والتطبيق. كأنك مثلا تستخدم جهاز اللاب توب ليسند كومة الشعير من السقوط. لنأخذ جهاز البلاك بيري مثالا هنا كحالة معايشة. فبعد صراع الشركة على بقاء الخدمة في الدول العربية المعترضة في صفقة تحفظ للحكومات إمكان العودة للأرشفة هاجت ثورة البلاك بيري. من ملصقات أرقام pin على السيارات في مظهر مسف لاستجداء العلاقات، إلى غرف المحادثات التي جعلت الجميع في حالة من البلاهة والتبلد والأحلام الوردية. الكل مشغول بالنكت المتداولة.. والجمل الساخرة.. سواء على رئيس ناد أو مسؤول أو أي شيء آخر يجعل من العقل غرفة مؤجرة لكتّاب هذا الصنف من الكلام. أضف إلى ذلك النغمة السريعة المشهورة للجهاز التي تطن في مساجدنا في الصلاة الواحدة عشرات المرات، وهي نغمة خطيرة وأبدعتْ في دهاء، فأنت لا تستطيع أن تخبر أحدهم أن يضع جهازه على الصامت، فالنغمة لا تتردد مرارا ويمكن تجاهلها، فهي تأخذ أقل جزء من الثانية. هي مسموعة لكنها في المجمل غير ملاحظة، هكذا هي أبدعتْ، أما أنا فإني لا أغفل عن أي شخص ترن نغمته وهو يصلي بجانبي إلا ويسمع مني بعد الصلاة مباشرة كلمة بهذا الشأن. أعرف أحدهم أصبح بعد البلاك بيري مهتما جدا بتلك القطعة التي بين يديه أكثر من أي شيء آخر يدور حوله. لقد تركزت حياته هناك، في تلك الشخوص المفتعلة والمقنعة والاكتشاف الجديد والنغمة الخضراء الساحرة المغرية وكأنها تقول «هنا شيء جديد لم تعرفه حتى الآن وهو يخصك أنت وحدك». يسألني أحدكم: ماذا كان يمكن أن نصنع من تلك الخدمة؟ نعم.. يا سيدي.. كان وما زال يمكن أن نصنع الكثير الكثير، ولكنها ضريبة التخلف في عهد التقدم. غير قابلة للقفز من فوقها أو رشوة صاحبها ، فقط علينا أن ندفعها. مدونة عبدالله الزهري http://rosebreeze.blogspot.com/