أنا لست علي يا جدتي، أنا ذاك الطفل الذي كبر فجأة بين يدي جدته، لتتركه للقلق وحده وتنشغل بالزهايمر والقصائد القديمة التي ظهرت على نحو مفاجئ، والآه، وهشاشة العظام، أنا هو الذي أصبح الآن يتهرب من جدته لأنه لا يعرف جوابا لأسئلة الطفلة الكبيرة، التي لم تعد تعرف العد والغناء، أنا الذي أمشي في الصالة ذاهبا إلى المطبخ دون أن أنظر لكرسيها الكبير في الطرف البعيد خوفا من أن تقع عيني على عينيها فيأخذني الحزن ولا يعيدني، الذي أصبح يتجاهل صوتها حين تنادي من البعيد بأن تعال يا «علي»، وأنا أعلم أنني «علي» المقصود لأن لا أحد غيري هناك.. لا أحد ينكر جدته غيري هناك. أنا لست علي يا جدتي، أنا ابنه الصغير الذي كان لطالما أختبئ خلف ظهرك كلما خاف من والده، أريد أن أصرخ في أذنها بأني آسف لأني لم أعد أقترب منها، وبأني آسف لأني أنكشف للحزن أمامها، أريد أن أصرخ في أذنها الذي أصابه صمم جزئي بأني وعلى الرغم من أني ألبس جينزا بشكل مستمر وحليق الوجه باستمرار، وبأني لا أشبه الطفل الذي عرفته مسبقا، لكني مازلت هشا كما عرفتني، أريد أن أصرخ بأني آسف على كل النقود التي سرقتها من بين ملابسك، النقود التي لها رائحة الجدات، أريد أن أبكي في أذنيها وأخبرها بأن تعود من جديد، لكني أعلم أنها سوف تنظر لي طويلا، ثم تعيد النظر أطول، ثم تأخذ يدي بين يديها الدافئتين ذاتي خاتمي الذهب الأصفر، واللذان يشبهان منديل شعرها المصفر من أثر الشيب والحناء، ثم تبتسم فتظهر أسنانها التي صمدت ولم تذهب مع ذاكرتها إلى أرض الزهايمر، ترفع يدي إلى وجهها وتقبلها، وتقول: «أبطيت يا علي». مدونة: أسود... ويتوق للإطراء http://ichor.ghad.ws/?p=161