مع بدء العد التنازلي نحو تطبيق الرهن العقاري واتجاه البنوك لزيادة عملياتها لتمويل الأنشطة العقارية أكد خبراء عقاريون أن الواقع العقاري يتطلب تدخلا مصرفيا كبيرا يواكب نمو القطاع ويعزز فرص توفير السيولة النقدية التي تدعمه لتحقيق أهدافه التنموية على المدى القصير والبعيد، وتوقعوا أن تسهم البنوك خلال الفترة المقبلة بصورة فاعلة في عمليات السوق العقارية خاصة بعد إقرار نظام الرهن العقاري وضخ سيولة كبيرة في القطاع. وبحسب الإحصاءات فإن مساهمة قطاع العقار والتشييد في الناتج المحلي الإجمالي السعودي ارتفعت من 41.7 مليار ريال في عام 2000 إلى أكثر من 54.5 مليار ريال، فيما تقدر الأوساط العقارية حاجة السعودية بنحو 4.5 مليون وحدة سكنية بحلول عام 2020، وحجم التمويل الإسكاني بنحو 117 مليار ريال سنويا لاستغلال مساحة 110 ملايين متر مربع من الأراضي الصالحة للاستثمار لمواجهة النمو السكاني المتزايد. شركات متخصصة ويتوقع رجل الأعمال سفر الحارثي «أن يصل حجم التمويل العقاري للأفراد في المملكة إلى ثمانية مليارات ريال بنهاية العام الجاري وإلى 48 مليار ريال حتى عام 2013، ولكن مع ذلك ينبغي أن تواكب العمليات التنموية النمو السكاني المتسارع والاقتصادي الأسرع حتى تتوازن العملية الاقتصادية بصورة عامة والعقارية بصورة خاصة». ويضيف أن أكثر من 70 % من السعوديين لا يملكون مسكنا خاصا، وكشفت دراسات علمية حديثة أن 55 % من المواطنين السعوديين لا يستطيعون تملك مساكن خاصة دون مساعدة مالية، والكثير من الأسر لا تستطيع أن تدفع أكثر من نسبة محددة قد لا تتجاوز 30 % من الدخل لتسديد قروض أو أقساط السكن، إضافة إلى تكاليف الصيانة والمرافق والخدمات. ويشير الحارثي إلى أن تقريرا حديثا للبنك السعودي الفرنسي أوضح أن شركات التطوير العقاري الخاصة والعامة بحاجة إلى بناء نحو 270 ألف وحدة سكنية سنويا حتى 2015 للوفاء بالطلب في المملكة على نحو 1.65 مليون مسكن جديد، ولا شك في أن موافقة مجلس الشورى على قانون الرهن العقاري ستؤدي إلى ظهور شركات متخصصة في التمويل العقاري وتعزز الفرص أمام شركات التطوير العقاري وقطاع المقاولات. 2 مليون وحدة من جانبه يؤكد رجل الأعمال حسن محمد آل عبدالكريم القحطاني أن القطاع العقاري يشهد طفرة تنموية غير مسبوقة ويحتاج لأن تلعب البنوك دورا مؤثرا فيها، خاصة أن مشكلة السكن تحتاج لتضافر كل الجهود من الجهات ذات الصلة بالتنمية في ظل تنامي الطلب والقوة الشرائية بدعم من حزمة التحفيز الأخيرة لتوفير مساكن ووظائف للمواطنين، حيث يقدر احتياج المملكة للوحدات السكنية بنحو 200 ألف وحدة سنويا. ويوضح القحطاني أن دور البنوك في التنمية مؤثر في جميع القطاعات ومن بينها القطاع العقاري الذي يعتبر المصدر الثاني للدخل الوطني بعد النفط، ولذلك فإن الاستثمار فيه ذو جدوى كبيرة، والقطاع العقاري يحتاج لتمويل البنوك حتى يستطيع تأسيس استثمارات كبيرة يحتاج إليها الوطن والمجتمع خاصة في الجانب السكني، حيث تشير آخر الدراسات إلى أن احتياجات السعودية من المساكن تبلغ نحو مليوني وحدة سكنية جديدة بحلول عام 2014 في ظل الزيادة السكانية المطردة وارتفاعها بشكل لافت، وقد رصدت الحكومة 14.7 مليار دولار، بما فيها 10.7 مليار دولار مخصصة لإنشاء 133 ألف قرض معفاة الفوائد، وأربعة مليارات دولار لبناء مساكن لموظفي الدولة، إضافة إلى ضخ أموال لبناء 500 ألف وحدة سكنية ورفع سقف القروض إلى نصف مليون ريال وغيرها من المبادرات التي تستوجب أن تلازمها مبادرات مصرفية تواكبها وتعززها من أجل تحقيق أهدافنا التنموية. دور حاسم ويرى رجل الأعمال سليمان بن إبراهيم الرميخاني أن الدراسات توضح أن المملكة تخطط لإنفاق نحو 155 مليار دولار أمريكي خلال السنوات العشر المقبلة لتطوير مشاريع خاصة بالبنية التحتية الاجتماعية بما فيها مشاريع إسكانية ومرافق لقطاعي التعليم والرعاية الصحية، وذلك يعمل على تنشيط قطاعي العقار والمقاولات، وبالتالي فإن البنوك مطالبة بمواكبة المرحلة التنموية الراهنة باعتبارها الوسيط الذي تتحرك فيه هذه السيولة الكبيرة. ويقول إن إقرار الرهن العقاري يوفر فرصة تمويلية كبيرة لكل خدمات السوق العقارية، ويتوقع أن تلعب البنوك دورا حاسما في عمليات التمويل بما يضخ سيولة واقعية لاحتياجات القطاع العقاري. ويضيف الرميخاني «هناك حاجة ملحة لأن تنهض البنوك بدورها في تعزيز العمليات التمويلية داخل القطاع العقاري، بل يمكنها أن تسهم بصورة مباشرة في تطوير مشروعات ربحية بأي صيغ استثمارية يمكن أن تنتجها وتوظف من خلالها السيولة التي لديها لما فيه خدمة البنية التحتية والقطاع العقاري والمجتمع ككل، ومع إقرار الأنظمة العقارية الضامنة لحركة النقد والقروض يمكنها أن تحسم كثيرا من الملفات العقارية البطيئة والمتعثرة من خلال الدخول في شراكات وتحالفات مهمة مع العقاريين» .