بين الفينة والأخرى يطل علينا مسلسل أو تحقيق صحفي أو موضوع مطروح للنقاش في إحدى القنوات الفضائية ويكون محورها بعض المشاكل الاجتماعية التي تكون مخفية في المجتمع, ورغم أنها مخبأة أو لا يريدون لها أن تظهر على السطح، إلا أنها منتشرة ومتفشية في المجتمع. ورغم ذلك تنهال قذائف التهجم الواضح والسافر على هذه البرامج وكأن ما طرح غير حقيقي ولا صحة له من الأساس، وما هو إلا دخيل على المجتمع وأنه أسقط عليه إسقاطا. «المجتمع الذي لا يتقبل حقيقته مجتمع مريض».. مجتمع كفيف.. مجتمع سقيم.. لم يصل لمرحلة الإدراك والوعي الذي يجعله يتقبل حقائق الأمور. لا أتحدث عن مجتمع بحد ذاته، ولكن للأسف هذا حال يمكن أن ينطبق على المجتمع الخليجي بوجه عام، فنحن لا نزال نحاصر أنفسنا بعادات بالية ونرفض أن نجعل أذهاننا متفتحة وواعية ومدركة لكل ما هو جديد. ورغم ذلك تجد من يتقبل الجديد بطريقة تلغي شخصيته العربية وكيانه الخليجي، حتى إنك تتوقف لحظات لتستوعب ما إذا كان المتحدث أو حتى الواقف أمامك يحمل الهوية الخليجية أو من بلد أوروبي، وفي المقابل تجد شخصا آخر لا يقبل ما هو مفيد لمجرد أنه مستورد من الغرب وحتى إنك تعتقد أنه ليس من عصرنا الحالي أو أنه توقف عند زمن معين لا يعي التطور الاجتماعي الحاصل بتحجر أفكاره ومعتقداته. وجميع الاتجاهين موغل في التطرف. وهذا يجعلنا عرضة للتصادم والتطاحن بين اتجاهين متطرفين، فالفئة الوسطى بين الطرفين قليلة. هنا يوقفنا على التناقض الذي نعايشه يوميا بين القبول والرفض, فبقدر الرفض القاتل لكل ما هو معقول أو غير معقول تجد القبول المطلق لكل ما هو غير معقول وكل معقول وتبدأ المجتمعات بالتدريج بين متقبل ورافض تجد الانسلاخ الاجتماعي للهوية الخليجية. هنا نتوقف عند الخلل الذي يصيب مجتمعاتنا بالتدريج وبهدوء قاتل لا يدركه أحد ومن المهم أن نعي عمق المشكلة ومدى اتساعها وألا نستهين بها ولا نستصغرها. ويجب أن نضع أيدينا على المشكلة ونجد لها الحلول.