«تعتزم الأحوال المدنية إصدار سجل أسرة للمطلقات والأرامل يضم أولادهم مع بقائهم في سجل والدهم». هذه الجملة وردت في خبر من إحدى الصحف المحلية واستبشرت خيرا, أخيرا سيصبح للمرأة كيان مستقل في بلدي وأصبحت كائنا يرى بالعين المجردة. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا يجب أن تطلق أو ترمل المرأة حتى ينظر لها؟ لماذا لا يكون لها كيانها المستقل وحضورها ووجودها حتى إن كانت لا تزال زوجة؟ أكثر السيدات في مجتمعنا تقوم بدور الأب والأم. وأكثرهن يعين ويدركن معنى المسؤولية, ومعظمهن عاملات ومربيات، ورغم ذلك هناك من لا يرونهن أهلا للثقة بأن تستأجر غرفة في أحد الفنادق ببطاقة الأحوال خاصتها، بل يجب أن تحضر معها رجلا حتى إن كان يصغرها بأربعين سنة حتى يتم لها الحجز حتى إن لم يكن مقيما معها! لا يهم فالمهم أنه ذكر. أليست مفارقة غريبة؟ ليس للمرأة حق في أن تتصرف فيما تملكه إلا إذا أحضرت معرفا يعرفها. ويجب أن يكون ذكرا، وكأنها شيء نكرة في المجتمع إلا بحضور الرجل أو تواجده! ما هكذا كانت المرأة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الصحابة رضوان الله عليهم، ولكن لا أعلم لماذا يدعون أن الإسلام يقضي أن تعزل المرأة وأن تهمش وأن تنكر حقوقها. من المفارقات الغريبة أن المرأة لو قررت أن تفتح لطفلها وديعة من مالها الخاص في أحد البنوك فإنه لا يسمح لها أن تمسها أو تتصرف بهذه الوديعة إلا بموافقة الأب! نعود هنا للقرار الذي عزمت أن تعمل به الأحوال المدنية وأنها ستجعل للمرأة أحقية أن تضم لها فلذات كبدها تحت اسمها ولن تعود مضطرة إلى حمل بطاقة أبيهم معها في كل محفل، مع أنها ليست فيها! بطبيعة الحال نشكر كثيرا الأحوال المدنية على هذه البادرة التي أعلم أنها مجرد «اعتزام» لا أعلم متى يرى النور.. ربما بعد سنوات طويلة! لكن المهم أن يطبق, والأهم أنه سيرى النور.