الحفر «جمع حفرة»، وقد وردت الكلمة في سياق تصريح قديم «عفى الله عن قائله»، وهي لفظة مشينة لم ولن تضر الشخص الذي أطلقت ضده، غير أن اجترارها الحالي لا يليق بالمكان الصحفي الذي تتكرر فيه، ولا بالأشخاص الذين يكتبونها، ولا حتى بالإعلام السعودي الذي يفترض ألا يكرس للشتائم المعيبة والمصطلحات الهابطة. لم يعد أحد يتذكر ذاك التصريح «الغاضب والخاطئ» سوى من ينبشون في السلبيات، ويسوقون للرداءة، خاصة أن الوضع تجاوز مجرد التذكر، ووصل إلى حد جعل الكلمة عنوانا للمقالات، والأكثر تكرارا بين السطور..! الكابتن فهد الهريفي واحد من أساطير كرة القدم السعودية، الذين سطروا أمجادها الكبيرة، وهو نجم موهوب، أغرق الميادين الخضراء بمهارته وركضه الجميل، وحقق مع فريقه ومنتخب وطنه إنجازات رائعة، ولعب مع الاثنين في كأس العالم للمنتخبات والأندية، فلماذا يستكثر عليه البعض أن يطرح وجهة نظره طالما هو لم «يتجاوز أو يسيء». لست بصدد سرد سيرة هذا اللاعب المتميز، وكي لا أخلط بين فهد «وسط الملاعب»، والهريفي «الناقد التلفزيوني»، فإني شخصيا ربما لا تعجبني مبالغات الأخير، وبعض مصطلحاته واستئثاره بالحديث، لكني في المقابل أراها لا شيء أمام ما يكتب عنه .. من حق أي صحفي ألا يحب الهريفي أو أن يختلف معه أو ينتقد آراءه ويخضعها لميزان المهنة الأمين، أما أن يهاجم الرجل بهذا الشكل السافر وتحشد ضده الكلمات الخادشة، ويجرد من تاريخه المذهب فهذا «هو التجاوز وهذه هي الإساءة». ماذا سيقول هؤلاء لو أطلق عليهم أحد مسمى «نقاد الحفر»، وهو يقصد تكرارهم لهذه الكلمة السيئة؟ إذا كيف يبيحون لأنفسهم تكرارها على سبيل القدح والإيماء لمعانٍ معيبة وغير لائقة؟ إن السكوت على مثل هذه التجاوزات تجاه إنسان قدم الكثير لبلده، هو أمر معيب، فالاختلاف مع الآخر له حدود ينبغي ألا يتعداها، وإلا انفلتت الأمور من عقال الحكمة والاحترام لتهبط في «حفر الإساءات»!!