كشفت تسريبات ويكليكس، الموقع الشهير، فداحة ما يرتكب من جرائم ضد الإنسانية، وما كان من أمري إلا أن أتخيل ويكيليكس طفوليا يفضح ما تخبئه أسوار منازلنا العالية ضد الطفولة من عنف وانتهاك للبراءة. هل جربنا اختراق قلوبهم ومعرفة ما تحويه من أسرار غفلنا عنها مع متطلبات الحياة، أسرار أقلقت مضاجعهم حتى بلغ بهم الأمر إلى كتمانها والخضوع للملامح التي صنعناها خصيصا لهم، وغيبنا عن أذهاننا فكرة متابعتهم قبل أن نبكي حسرة على النعمة وهي تذبل بين أيدينا. في الزمن الذي يشعر من خلاله أن لا أحد يفهمه، يلجأ هذا الطفل كثيرا إلى الصمت عن الإيذاء جسديا كان أو معنويا ويبقى يختزلها عقله الباطن على شكل صور يتألم كلما استرجعها، وقد يصاب بأزمة ضياع الذات في ظل غياب هويته داخل أسرته وعدم مقدرته على البوح والإفصاح عن كل ما يعتريه ويعكر صفوه. هذا الكائن الصغير محفوف بالمخاطر، ابتداء بالتحرش وانتهاء بالتلقين، فكم من بيت يوجد به طفل ويكليكسي لقن لينشر أسرار عائلته؟ حتى اعتاد لفت الانتباه لشخصه والاهتمام بما يقول عن وقائع تحدث في بيته يهتم لها قريب وتنعكس أفعاله على سلوكيات من حوله وطريقة تعاملهم معه. يجب أن نعي - ونحن نتضامن لوقف العنف ضد الأطفال - ضرورة وجود صورة مفصلة تبين أماكن ممارسة العنف على تلك الأرواح وعدم حصرها في المنزل والأسرة وتكبيرها حتى تسع المجتمع المسؤول عن أشكال معينة منه، ولو رجعنا لموقع مشابه لموقع ويكيليكس سمي ب صندوق الأسرار لاكتشفنا أن أغلب الوثائق ولو كانت مجهولة تعود تفاصيلها الأليمة إلى مراحل الطفولة وما ارتكب من جرائم باسمها! وقفة: لا تدعوا البذرة للأرض تنبتها كيف تشاء واحرثوا لها بأيديكم ليطيب لكم ثمارها واجعلوا منها آية تسر أعينكم قبل الناظرين.