خرج أبوفارس ذو الأعوام ال 60 في صبيحة العيد -عيد الأضحى المبارك- إلى أحد أسواق الماشية في مدينة هانتسفيل في ولاية ألاباما الأمريكية ليشتري أضحية العيد، وكان يظن السوق كالأسواق التي اعتدناها في ديارنا «شبك وأشجار برسوبس وغرف عمال مخالفين على أطراف كل شبك!». دخل أبوفارس السوق ورأى عالما آخر من عالم سوق الحيوانات، من التنظيم الذي لا يستغربه إلا مخلوق عربي، سوق منظمة من بدايتها إلى نهايتها، ومن أصغر حيوان إلى أكبر حيوان، ولكل حيوان رقم خاص يندرج تحته عمر الحيوان وحجمه ونوعه ومعلومات أخرى مدرجة على جهاز الحاسب. وتعاملات البيع والشراء «والمزاد» كلها عن طريق الشبكة الحاسوبية، ولا تكاد تسمع صوتا، حتى تظن أنك وحدك في السوق، ولن ألوم أبا فارس حينما قال: «النظام الإلكتروني في سوق الأنعام هنا أفضل بالمقارنة مع بلادنا، من بعض المكاتب التي لا تعرفه حتى هذه الأيام والأغلبية لو سألتهم عن الإكسل والآكسس لظنها مناطق تقع جنوب روسيا!». تساءل أبو فارس: «ما هو الفارق الحقيقي بين الغرب والشرق؟». نظرتُ له مستفهما فشرح سؤاله: نمتلك البنية التحتية لكل مقومات المدنية أو الحضارة، كمفهوم أشمل، نمتلك الأرض، رأس المال، البشر، الرؤية، الهدف، وإذا اجتمعت هذه كان الناتج الطبيعي لهذه المعادلة «المُخرجات المخطط لها» التي نراها على الواقع الغربي من أصغر الأشياء إلى أكبرها، نظام شامل يشمل جميع من يعيش على تلك الأرض دون النظر إلى الجنس أو اللون أو العمر. نتغنى دائما بأن الإسلام هو النظام الشامل الكامل، وهذا حق ولا يوجد على الأرض نظام أعدل من هذا النظام السماوي، لكن المشكلة في تطبيق هذا النظام. نغني من دفاترنا أطراف النهار، ونسهر على الغش العام، واحتقار الآخر، والتهاون بالنظام، وهضم حق الضعيف بينما الدستورالشعبي المتداول: «اصبر واحتسب، لهم الدنيا ولك الآخرة!». تشعر بغصة أليمة وحسرة حين ترى روح الإسلام من النظام والأمانة واحترام حقوق الصغير والكبير والمرأة واحترام النظام في غير ديار الإسلام، بينما أهل الإسلام ومعتنقوه يستغربون وصفهم بالتخلف والرجعية!