انتزع الخصوم الجمهوريون للرئيس الأمريكي باراك أوباما الأغلبية في مجلس النواب، ما ينذر بانتهاء إصلاحات الرئيس رغم نجاح حزبه الديموقراطي في الاحتفاظ بالسيطرة على مجلس الشيوخ عقب اكتمال نتائج الانتخابات النصفية الأخيرة. وهذا يعني تحول السلطة في الكونجرس من الديموقراطيين إلى الجمهوريين. وتعود الخسائر الهائلة التي تكبدها الحزب الديموقراطي إلى ضعف حالة الاقتصاد، التي من المرجح أن تكون من الأولويات عندما ينعقد الكونجرس الجديد، يناير المقبل. وتعهد الرئيس بالعمل مع الجمهوريين رغم الهزيمة وإيجاد مجالات لأرضية مشتركة وتحريك البلاد قدما وإنجاز الأشياء لصالح الشعب الأمريكي. انتخابات التجديد النصفية للكونجرس هي انتخابات عامة تجرى في منتصف كل ولاية رئاسية- التي تدوم أربعة أعوام- ويقوم الناخبون خلالها بتجديد ثلث مقاعد مجلس الشيوخ المئة، ومجلس النواب بكامله 435 مقعدا، و36 من أصل 50 حاكم ولاية، ومسؤولين محليين عبر التصويت، وهي فرصة كذلك لاقتراح مشاريع قوانين محلية. وتكمن أهميتها في كونها اختبارا للرئيس في منتصف ولايته. ويشكل الكونجرس، المؤلف من مجلسي الشيوخ والنواب، السلطة التشريعية في أمريكا ويعتبر ثقلا موازنا للسلطة التنفيذية المتمثلة في البيت الأبيض. ويصوت الكونجرس، ومقره في مبنى الكابيتول بواشنطن، على القوانين وموازنات الحكومة الفيدرالية ويحدد السياسة المالية للبلاد. ويعد انتخاب أعضاء الكونجرس أمرا مكلفا، فقد قدرت إحدى المنظمات أنه تم إنفاق 3.98 مليار دولار- وهو رقم قياسي- على انتخابات التجديد النصفي للكونجرس. ويتم تحديث هذا الرقم باستمرار على الموقع الإلكتروني لمركز السياسات المستجيبة، الذي أعلن أن التكلفة الإجمالية لانتخابات هذا العام تتجاوز كل الأرقام السابقة. وتميزت الانتخابات ببعض المفارقات، حيث نال أوباما هزيمة رمزية إثر فوز الجمهوري مارك كيرك بمقعده في مجلس الشيوخ عن ولاية إيلينوي. وكان يفترض أن يؤمن هذا المقعد، الذي غادره أوباما قبل عامين إثر انتخابه رئيسا للبلاد، فوزا سهلا للديموقراطيين الذين لم يهزموا في أي انتخابات لمجلس الشيوخ في إيلينوي في العقود الأربعة الأخيرة. وحشد الرئيس 35 ألف مؤيد خلال لقاء في شيكاغو دعا خلاله الديموقراطيين إلى التوجه إلى صناديق الاقتراع. كما شارك في حملات لجمع أموال لخليفته، إلا أن جهوده لم تنجح في تغيير الاتجاه العام. وتعهد الرئيس بالعمل مع الجمهوريين رغم الهزيمة وإيجاد مجالات لأرضية مشتركة وتحريك البلاد قدما وإنجاز الأشياء لصالح الشعب الأمريكي في مكالمتين هاتفيتين مع الجمهوري جون بوينر، الذي سيصبح رئيسا لمجلس النواب، وميتش ماكونيل أبرز عضو جمهوري في مجلس الشيوخ.. وذلك بعد أن استغل القدر الأكبر من رأس ماله السياسي خلال أول عامين لتمرير تعديلات مثيرة للجدل في نظام الرعاية الصحية والتنظيمات المالية. ويرى نقاد أن تلك الجهود شتت انتباهه عن مهمة إصلاح الاقتصاد، بينما يشكو ناخبون آخرون من أن أوباما بالغ في توسيع دور الحكومة ليشمل قطاعات أساسية أخرى في الاقتصاد. وفي المقابل نجح الديموقراطيون في قلب الموازين في ولاية كاليفورنيا بإقصائهم للجمهوريين حيث أعيد انتخاب السيناتورة باربارا بوكسر في مجلس الشيوخ، واختيار جيري براون حاكما للولاية. وأثبت حزب الشاي- الذي لفت مرشحوه في الأشهر الأخيرة الأنظار إليهم من خلال تصريحاتهم المتطرفة أحيانا وغير اللائقة أحيانا أخرى- وجوده على الساحة السياسية مع دخول عدد من أعضائه إلى مجلس الشيوخ. وأصبح راند بول، 47 عاما، العضو الأول في الحزب الذي ينتخب عن ولاية كنتاكي. وتلاه بعد ذلك مارك روبيو، 39 عاما، عن ولاية فلوريدا. ويمكن أن يمهد هذان العضوان للترشيح المحتمل لسارة بالين للانتخابات الرئاسية في 2012 .