ليسمح لي الأوروبيون باقتباس العنوان من السؤال الذي حيرهم طويلا.. فقد اجتمعوا في عام 586 لبحث هذا الأمر: هل المرأة إنسان؟ وانتهوا بعد المناقشات إلى أن المرأة إنسان خلق لخدمة الرجل! نقل لنا الموروث الشعبي أمثلة كثيرة تضمنت تشبيه الرجل بسائر أنواع الحيوانات، بدءا بالأحاديث الدينية التي من أشهرها حديث أم زرع وهو حديث صحيح في البخاري، ويحكي دردشة نسائية اجتمعت لها 11 امرأة، تعاهدن وتعاقدن على ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئا! فشبهته إحداهن فقالت: زوجي إن دخل فَهِدَ، وإن خرج أسِدَ، ولا يسأل عما عَهِدَ، والأخرى شبهته بالأرنب فقالت: زوجي المسُّ مسُّ أرنب، والريح ريح زَرْنَب. وإن كانت هذه التشبيهات خرجت فى بوح أنثوي أردن من خلاله كشف الظنون وبث المكنون، فإننا لا نلومهن عندئذ! خاصة أن تشبيه الرجل بالأسد من سياق المدح عبر التاريخ، سواء عند العرب أو العجم، وقد يأتي التشبيه محتملا لوجهين، كما قيل في الأبيات اللاذعة والمتهكمة في الحجاج بن يوسف: «أسد علي وفي الحروب نعامة فتخاء تنفر من صفير الصافر». وقد تخون العبارة القائل، فتنقلب وبالا على صاحبها حتى وإن كان الدافع له هو المدح، وفى حق خليفة كبير كالمتوكل كما حدث مع علي بن الجهم عندما دخل على المتوكل فقال: «أنت كالكلب في حفاظك للود وكالتيس في قراع الخطوب». في أبيات تسامح معها الخليفة بسبب بدوية قائلها. ولعل المتوكل كان آخر الذكور المتنازلين عن تشبيههم بالحيوان! لأن الدكتورة فوزية الدريع واجهت هجوما شرسا من الرجال الذين استاؤوا من عنوان كتابها «الرجل الحيوان» الذي نقلتنا فيه من الأدب والفكاهة إلى عالم التحليل النفسي وطالبت النساء باكتشاف شخصيات أزواجهن الحيوانية مع إصرارها أن الأمر لا يتضمن أي إهانة مطلقا. وجاءت التشبيهات في غاية الطرافة، فالرجل الحمار هو الذي يعشق الروتين ويؤدي عمله وأعمال الآخرين، ويكبت في نفسه حتى ينفجر! والرجل الضفدع متذمر كثير الكلام والتبرطم ويجلب الصداع من كثرة شكواه. أما الرجل القط فيتميز بكثرة الحركة والتنطيط ويحب البحث والتنقيب، فتراه يفتح الأدراج، لكن الرجل الثور هو الرجل ذو الإشباعات بكل صورها مثل الجنس والطعام، وهو رجل محب للفن والموسيقى، ويفتش الحقائب بسبب غريزة الفضول فيه. وفي اختيار يخالف التوقعات المألوفة، جاء الرجل الكلب هو الأفضل للمرأة المشغولة، فهو نشيط ورياضي مفعم بالحياة ولا يحب المرأة البليدة الهادئة. وعلى أي حال، على الرجل أن يتحلى بروح رياضية كالتي اختارتها المرأة في الكلب، ولا يرفض هذه التشبيهات فى حقه، كما تحلت بها النساء عبر التاريخ عندما اتفقت الشعوب كافة على تشبيهها بالشيطان، كما في المثل الياباني «الشيطان أستاذ الرجل وتلميذ المرأة» والأوروبي «أينما يفشل الشيطان يرسل امرأة». فوزية الخليوي