بعد الهجمة الإلكترونية الشرسة التي وجد المجتمع نفسه في منتصف أمواجها المتلاطمة، ظهرت الكثير من الظواهر السلبية التي يمكن تسميتها بالجرائم الإلكترونية، وتكاد تمضي السنة العاشرة دون أن يتحرك أحد تحركا يطمئننا أن هذا النوع الجديد من الجرائم تحت السيطرة، وكل ما يمكن عمله من محاولة احتواء مشاكل الإنترنت سيظل اجتهادا ناقصا لن يقدم حلا ناجحا في ظل غياب حكومة إلكترونية حقيقية. سمعنا الكثير عن تلاعب العابثين بأرصدة وحسابات بنكية، ما يوجب الوقوف بشدة لحماية عملاء البنوك من عبث لصوص الإنترنت ومخترقي الحسابات البنكية، كما أن تأخر إطلاق الحكومة الإلكترونية بشكل كامل أدى إلى تزايد أعداد العابثين الذين حسب معلوماتي المتواضعة يشكل السعوديون منهم نسبة ليست بالقليلة. إن حوادث الابتزاز التي تتعرض لها الكثير من الفتيات عبر الإنترنت جعلت الأمر يبدو كأنه أمر يخص هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحدها، وبطريقة تقليدية عبر سيناريو واحد يتكرر في جميع قصص العابثين الذين قبضت عليهم الهيئة التي تتفق مع الفتاة الضحية على استدراج المجرم للقبض عليه وإقفال ملف قضية ابتزاز إلكتروني. وجدت الهيئة نفسها مجبرة على القيام بمهمة إضافية ضمن مهامها الكثيرة.. ورغم أن إقفال القضية التي تندرج تحت اسم الجرائم الإلكترونية بهذا الشكل يعد ناقصا، لأنه في الحالات التي يتم من خلالها إنهاء مثل هذه القضية يتم إغفال مسرح الجريمة «الإنترنت» الذي قد يكون الأهم وقد يتم من خلاله الكشف عن الكثير من الوقائع والأدلة التي قد تنعكس من خلالها حقائق يمكن الاستناد إليها بشكل عملي وفعال بعيدا عن الاجتهاد والاعتماد على الآراء الشخصية التي كثيرا ما تجانب الصواب في مثل تلك القضايا المستجدة على مجتمعنا. الإسراع بسن قوانين الحكومية الإلكترونية هو الحل الجذري والحقيقي لمثل هذه الجرائم لإيقاف مجرمي الإنترنت عن العبث بأموال وأعراض المسلمين!