لا يبدو أن عذر رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور محمد الحمد، منطقي بشأن حجب اسم من يثبت ارتكابه لتجاوزات مراعاة لمشاعر القبيلة التي يحمل لقبها، ولا يراه البعض عذرا مهضوما وهم يفهمون تماما أن لا دخل للقبيلة في تصرفات الأفراد المدانين، وأن تجاوزاتهم للنظام لا تعني- بأي حال- تعميما على البقية، فجمعية حماية المستهلك ليست «عزيمة» يتبادل فيها المسؤولون المجاملات ويتداولون فيها حواديت «أنت وش ترجع له؟»، كما أنها لا ينبغي أن تكون ككراسي المناصب تلك التي توزع كورق «بلوت» بالتساوي. المنتظر من جمعية مدنية مستقلة- إن شاء الله- كجمعية حماية المستهلك، هي أن تعي تماما أن دورها ليس «الطبطبة» على المتجاوز أو هدهدته حتى تهدأ نفسيته ثم الهمس بإذنه: «لا تخاف يا شاطر.. محد بيدري من أنت، بس روق أنت واحلف ما تتعودها»! فذلك «الشاطر» حين يرتكب غشه وترويجه لبضاعته المتكدسة على أولئك المستهلكين الغلابى الذين يثقون بإحدى مؤسسات المجتمع المدني- بإذن الله- فهو لا يهمه كم من أبناء قبيلته سيدفعون الثمن غاليا جراء فعلته، ولن يكترث إن حجبت تلك الجمعية الصارمة أسماء المتضررين منه أو علقتهم على لوحات شوارعنا الرئيسية، هو يهتم ببساطة: بكمية الريالات التي ستهطل في جيبه.. وحسب. التخوف الذي ساقه الدكتور الحمد ربما سيبدو مفهوما قبل عشرات السنين حين كان المجتمع يسير خطاه الأولى نحو التمدن، لكنه الآن سيبدو تماشيا من رائحة التعصب التي فاحت أخيرا مع تكاثر قنوات القرون المتحجرة والتصويت لمن يصرخ بصوت أعلى لاستفزاز «الحمية» وحشد الرسائل و«الحسابة بتحسب». وسيبدو تراخيا عن دورها كجمعية تساعد في كسر شيء من العادات البائدة التي تم بعثها من جديد، ونشر الوعي بسلطة القانون. فالقانون الذي ينبغي أن يشذب الخارجين عنه دون النظر لنهايات أسمائهم.. هو قانون بلا قبيلة/ عائلة.. أو هكذا نأمل!