يدرس مجلس الشورى إقرار اشتراطات جديدة في الوظائف الرسمية بإدراج ساعات العمل التطوعي على لائحة المفاضلة بين الأفراد في القطاعين الحكومي والخاص، وذلك وإن بدا كنوع من توجيه الشباب والمجتمع نحو العمل التطوعي إلا أنه يخرّب تلقائيا قيمه ويشوش على أهدافه الحقيقية، لأن ذلك وبطريقة غير مباشرة يحتمل إجبارا على التطوع وإشاعة للنفاق في خدمة المجتمع والوطن، ودون انتشار ثقافة التطوع في الوسط الاجتماعي واتخاذه عقيدة فردية يؤمن بقيمها الأفراد وخاصة الشباب، لا يمكن أن نجني ثمار التطوع. مثل هذا الإلزام يعتبر بناء دون قواعد سينهار ويزهق قيمة التطوع ويجعله سلوكا استعراضيا يحقق الوجاهة لمن يقومون به، وتلك غاية غير كريمة يمكن استخلاصها من أي اتجاه لتوجيه التطوع بقوة جبرية أو عناصر ضغط، لأن الأصل في التطوع أن يتم بقناعات ذاتية كاملة دون أي مؤثرات غير تلك التي تخاطب الضمير الفردي وتحفزه للعمل بمنهج تلقائي، أما أن نستخدم التطوع كإغراء وظيفي فذلك ما قد ندفع ثمنه لاحقا في تطوع هش لا يخدم المجتمع. لعضو مجلس الشورى نجيب الزامل، جهوده المقدرة في المجال التطوعي، ولكن تمرير مثل هذه الاشتراطات أمر غير منهجي، وينطوي على عاطفة أكثر منه سلوكا موضوعيا في إدارة التطوع وخدمته من خلال المؤسسة التشريعية، ففي أمريكا تصدر عقوبات بخدمة المجتمع بعدد ساعات معين، وذلك أشبه بما يدرسه المجلس الموقر بشأن التطوع. ولذلك فإن مجهودات الزامل ولجنة الشؤون الاجتماعية بالمجلس ينبغي أن تبدع منهجا يشيع ثقافة التطوع وبناء قيمه في الضمير الاجتماعي وتجذيره في قناعات الأفراد حتى تكون خدماتهم التطوعية قائمة على أسس وقناعات داخلية وليست إلزاما أو اشتراطا لوظيفة، لأن من ينال هذه الوظيفة من بوابة التطوع لن ينجح أبدا في أدائها بما تستحق، فضلا عن أن العمل التطوعي يتناقض مع أي سلوكيات استعراضية أو وجاهية، ومثل ذلك يعزز هذه السلوكيات ويبعثر قيم العمل التطوعي، لذلك من الضروري أن يبحث الزامل واللجنة الاجتماعية لدور للمجلس في دعم نشر ثقافة التطوع وليس جعله أمرا إجباريا مثل التجنيد الإلزامي.