وجد العديد من مخالفي نظام الإقامة على كباري جدة وتحت جسورها فرصة سانحة لممارسة كثير من الأنشطة التجارية التي تدر عليهم مبالغ كبيرة، ومن أبرزها إقامة المطاعم والمقاهي على شكل بسطات، مستغلين الإقبال والتعاطف الذي يجدونه من بني جلدتهم، الذين يتجمعون بأعداد كبيرة لقضاء بعض الأوقات هناك لتجاذب أطراف الحديث. ويعد الكوبري الشهير ب«كوبري العمال» أحد أكثر الكباري والجسور التي يستغلها المخالفون في إقامة مشاريعهم التجارية، بعيدا عن أعين الجهات الرقابية، خاصة أن نشاطهم يتعلق بالصحة العامة التي تغيب تماما في تلك الأماكن المكشوفة والمعرضة للغبار وأدخنة آلاف السيارات المارة طوال اليوم على طريق جسر الميناء، الذي يعد الأول في كثافة السيارات في مدينة جدة. وعادة ما يبدأ أصحاب المطاعم والمقاهي في تقديم وجبات مجانية لأصدقائهم في بداية الأمر، ثم يتحول الأمر إلى تجارة رائجة تستقطب الكثير من الزبائن الذين لا يضايقهم الأكل في العراء وسط بيئة مساعدة على نقل الأمراض ونشرها. خدمات متكاملة وفي أسفل «كوبري العمال» تقدم كافة الخدمات التي تجبر الزبون على البقاء أطول فترة ممكنة، فبعد الفراغ من تناول وجبة دسمة لا بد من كوب من الشاي أو القهوة، الذي تعده إحدى النساء، وتجاذب أطراف الحديث مع أصدقائه أو غيره من الزبائن، ولا بأس أن يجد الزبون من يغسل له سيارته ويلمعها له. وتوفر المطاعم مقاعد وطاولات بلاستيكية ومفارش أرضية رخيصة الثمن للجلوس عليها، ويجد بعض المحظوظين مقاعد وثيرة من التي يلقيها أصحابها في الشارع للتخلص منها، فتجدهم يجلسون عليها في استرخاء شديد، كما أن بعض المطاعم توفر أباريق المياه وقطع الصابون لغسل الأيادي، وبالطبع لا توجد مصارف لتلك المياه؛ لذلك تجدها تسيل هنا وهناك، ولا أحد يهتم كثيرا. مستثمرون تحت الكباري عدد من «المستثمرين» حاولوا الهرب من تساؤلات «شمس» بالتظاهر بالانشغال بإعداد الوجبات وتقديمها للزبائن، ولكنهم ما لبثوا أن تراجعوا إن تمنعهم.. أحدهم ويدعى عبدالرحمن «إثيوبي» قال إنه جاء إلى الكوبري ليقابل بعض أصدقائه الذين أقام معهم فترة من الوقت بعد وصوله إلى المملكة بتأشيرة عمرة قبل عدة أعوام: « فشلت في توفير مبلغ لا يتجاوز ال 500 ريال لاستئجار منزل بحي المحجر، فنصحني أحد الأصدقاء بالإقامة تحت كوبري العمال، وبعدها بدأت أعد وجبات غذائية خفيفة وعصائر لعدد من أبناء جلدتي ممن يأتون إلى الموقع بعد الظهر مقابل مبالغ مالية». وأضاف أنه يأمل أن يجد موقعا أكثر أمانا وبعدا عن أعين الرقابة، فالدوريات تدهم المكان في أحيان كثيرة، مما دفعهم إلى توفير مراقبين، ليقوموا بعملية الإنذار المبكر بشكل يتيح لهم الفرار من الموقع عند حدوث أي مداهمة على أن يعودوا ثانية بعد أن يستقر الوضع. مكان مناسب أحد الزبائن «رفض ذكر اسمه» ذكر أنه جاء هذا المكان لشراء وجباته، وأحيانا يتناولها في المكان الذي يعتبره مثاليا لتقضية أوقات ممتعة من أصدقائه، بعد الفراغ من عمله؛ حيث يعمل عامل تحميل في إحدى الشركات: « أجتمع مع زملائي هنا، ونتجاذب أطراف الحديث عن همومنا ومشاغلنا، وفي الوقت نفسه نستمتع بوجبة من مطبخنا الشعبي أفضل مما تقدمه المطاعم، وبسعر يناسب دخولنا المتواضعة، فأسعار الوجبات تتراوح بين 5-10 ريالات فقط، إضافة إلى وجود مشروبات ساخنة تقدم كضيافة مثل الشاي والحليب والمشروبات الباردة». من جانب آخر طالب خالد حمدي «من سكان حي السبيل» بتكثيف الحملات الأمنية لمنع هذه المظاهر غير الحضارية، مشيرا إلى أن وجود العمال والمطاعم والمقاهي في العراء يسيء لمنظر المدينة، ويؤدي إلى سلبيات متعددة، منها انتشار الجريمة. أمانة جدة أكدت عبر مراقبيها الميدانيين أن هنالك جولات مستمرة لمنع تلك الأنشطة، وأي نشاط لا يرتكز على أسس وقواعد الاشتراطات الصحية، مشيرة إلى أن هناك تنسيقا متواصلا مع الجهات الأمنية؛ لتتبع مثل هؤلاء المخالفين وضبطهم رغم هروبهم في أحيان كثيرة