في الأمسية التي أحياها الأستاذ جمعان الكرت والدكتور محمد يونس نظم النادي الأدبي بمنطقة الباحة بعد مغرب يومي الاثنين والثلاثاء من الأسبوع الماضي بمقر النادي في قاعة الأمير محمد بن سعود للمحاضرات وقاعة الخنساء النسائية عبر الدائرة التلفزيونية ، نظم ورشة عمل في فن كتابة القصة القصيرة ، شارك فيها الأستاذ القاص جمعان الكرت نائب رئيس النادي ، والدكتور محمد عبدالرحمن يونس ، الباحث والقاص والروائي والأستاذ الجامعي ، وبدأت الورشة بكلمة لنائب رئيس النادي الأستاذ جمعان الكرت رحب فيها بالمشاركات في القاعة الأخرى والمشاركين في الورشة التدريبية, بعد ذلك طرح ورقته حيث قال : القصة القصيرة تجربة إنسانية يُعبر عنها القاص بأسلوب النثر سردا أو حوارا من خلال تصوير شخصية أو شخصيات يتحركون في إطار اجتماعي ينسجها بخيوط الإبداع ، وأشار إلى البناء المعماري للقصة القصيرة بدء من العنوان الذي يُعد العتبة الأولى للنص ن والنواة المتحركة القابل للتحليل دلاليا بحسب صياغته سواء كمفردة أو جملة أسمية أو فعلية ، وكذلك الحبكة وهي مجموعة الحوادث التي تُكسب القصة فنيتها وجمالياتها ، وتمنحها التماسك والبناء المنسق والمشوق وهي على نوعين حبكة متماسكة وأخرى مفككة, فضلا عن عنصري المكان والزمان إذ لا يمكن أن تسبح القصة في الفراغ بل يؤطرها المكان والزمان ، فهما ركيزتان أساسيتان في الخطاب السردي ، إلى جانب اللغة إذ لا يمكن أن يتولد الحس بدون لغة ، يلتقط القاص الحاذق مفرداته بأناة ودقة متناهيتين ، وبحرفة عالية ، مثل الرسام الذي يحسن اختيار ألوانه ، أو النحات الذي يجيد اختيار أدواته ، ويتحسس القاص مواضع الكلمات على شريطة الدقة وسلامة اللغة ، والاقتصاد ، ويأتي دور البطل (الشخصية) سواء كانت خيالية أو واقعية أو مزيج بينهما أو كونها رئيسية (محورية) مع شخصية ثانوية أو معارضة لتتنامى أحداث القصة ، مع مراعاة البعد النفسي والاجتماعي والجسدي لأبطال القصة ، وركز الأستاذ جمعان الكرت على عنصر لحظة التنوير وهي النقطة التي تتجمع فيها وتنتهي إليها خيوط الحدث فيكتسب معناه المحدد الذي يريده الكاتب ، وأضاف في سياق حديثه بأن القصة تفقد قيمتها إذا لم يتحقق شيئان هما الإمتاع والفائدة ، لأن القاص يقوم بترجمة الأحاسيس والمشاعر البشرية على شريطة الصدق وإشراقة الأسلوب والقدرة على تفجير الأسئلة ، وقال بأن العمل القصصي ليس بالموضوع بل بالمضمون الذي يتغلغل قي وجدان الناس ومن ثم يؤثر في حياتهم باعتبار القصة سلافة تجارب حياتية ، وانعطف في حديثة عن تطور كتابة القصة في السعودية حيث صدرت أول مجموعة قصصية عام 1366ه للكاتب أحمد عبد الغفور عطار ، فيما صدرت أول مجموعة قصصية نسائية لنجاة خياط عام 1385ه (مخاض الصمت) ومن كتاب القصة إبراهيم الناصر وعبد العزيز المشري عبد خال وغيرهم ، لافتا إلى انطولوجيا القصة القصيرة للأستاذ خالد اليوسف لمن أراد التوسع في معرفة كتاب القصة. بعد ذلك طرح الدكتور محمد عبدالرحمن يونس ورقته التي كانت بعنوان مداخل نظرية ، وتعريفات للقصة القصيرة ، عرض فيها لتعريفات القصة ، في الأدب الأجنبي المعاصر ، والأدب العربي الحديث ، من خلال الدراسات والبحوث النقدية التي تطرقت لتعريف القصة القصيرة ، وعرض لتطور مفهوم القصة القصيرة ابتداء من القرن التاسع عشر حتى أيامنا هذه، وقدم عدة تعريفات لها ، ومفاهيم عديدة من خلال آراء الكتاب والنقاد الآتية أسماؤهم : إدجار آلان بو ، و فورستر ، وهيدسون ، وسومرست موم ، و موزلي ، و الناقد الأيرلندي (فرانك أكونور) (Frank acoonor) ، والكاتب الإنجليزي (ه . تشارلتون ، والكاتبة الأمريكيّة الشهيرة (كاترين آن بوتر) ، و وات بيرنت ، وتعريفات امبرت لها ، من خلال كتابه (القصة القصيرة) ، ولآراء كتاب ونقاد أجانب آخرين ، وتطرق الباحث لمفهوم القصة القصيرة من خلال التعريفات العربية لها ، وذكر بهذا الخصوص تعريفات النقاد والباحثين العربي ، لها ، ومن هؤلاء النقاد : د.الطاهر مكي ، ود.عبد المنعم تليمة ، وغيرهم. وذكر الدكتور محمد يونس ، أن القصة القصيرة تطورت ، وازدهرت ازدهارا واضحا على يد جيل الستينيات من كتاب القصة العربية ، ومن أبرز رواد هذا الجيل : محمد حافظ رجب ، يحيى الطاهر عبد الله ، إدوار الخراط ، سليمان فياض ، محمد البساطي ، جمال الغيطاني ، يوسف القعيد ، إبراهيم أصلان ، عبد الحكيم قاسم ، مجيد طوبيا ، محمد إبراهيم مبروك ، بهاء السيد ، عز الدين نجيب ، محمد جاد الرب ، محمد عباس ، الدسوقي فهمي ، خيري شلبي ، محمد مستجاب ، محمد جبريل. وبرز من سوريا أعلام مهمون جدا ، ومنهم : عبد الله عبد ، وزكريا تامر ، وحيدر حيدر ، وعبد السلام العجيلي ، وغيرهم. ورأى الباحث أنه كان للقصة الأجنبية أثر كبير في القصة العربية ، على مستوى التقنية الشكلية ، والجمالية ، وعلى مستوى المضمون أيضا ، ومن أعلام القصة الأجنبية الذين تأثر بهم كتاب القصة العرب : موباسان وزولا وتورجنيف وتشيخوف وهاردي وستيفنسن ، و تشيخوف ، إدجار آلان بو ، جوجول ، أوسكار وايد ، دوديه ، هوفمان ، وغيرهم. ثم تطرّق الدكتور محمد يونس إلى العلاقة العميقة بين الواقعي والتخيلي في القصة القصيرة ، وآفاق هذه العلاقة ، ودورها في بناء القصة القصيرة. وتحدث عن أهم فضاءات القصة القصيرة ، وفي نهاية ورقته تحدث عن عناصر القصة القصيرة ، ودورها في بناء القصة. كما تعرض الباحث لجذور القصة العربية في أدبنا ، وتراثنا العربي القديم ، من خلال الحكايات الشعبية ، والتراث السردي المروي ، ومن خلال المقامات العربية. وفي اليوم التالي تم استعراض عدد من النصوص القصصية لكتاب من المملكة والوطن العربي وتم تحليلها وفقا للعناصر الأساسية عند بناء القصة القصيرة كم قدم المشاركون والمشاركات من قاعة الخنساء النسائية نماذج من بوحهم القصصي حيث تناولها الدكتور محمد عبدالرحمن يونس بالتحليل الفني ، وطرحوا عددا من الأسئلة حول القصة والفرق ما بينها وبين الرواية والقصة القصيرة جدا ، والخاطرة ، وشارك من الأكاديميين الدكتور عادل شاويش والدكتور السيد عبد الحي من جامعة الباحة والأستاذ سعد الحارثي والمهندس عبداللطيف أمين ، والشاعر أيمن قاسم الزهراني ، وفي الختام قام نائب رئيس النادي الأستاذ جمعان الكرت بتسليم المشاركين شهادات حضور الورشة التدريبية ، فيما قامت رئيسة اللجنة النسائية الأستاذة مستورة حنش الزهراني ونائبتها جوهرة معيض (في قاعة الخنساء) بتسليم المشاركات شهادات الشكر والتقدير.