عقد مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة مؤتمراً خلال الأسبوع الماضي حول الصراع والتنافس في الخليج العربي. وقد دارت نقاشات مثيرة فيه حول هذا الموضوع، إلا أنّه من الملاحظ أنّ مسارين أساسيين سيطرا على مختلف النقاشات. الأمر الأول هو أنّ إيران جارٌ مؤذٍ وعدواني ولم تبذل أياً من الجهود لتطمين الجيران المتوجسين من توجهاتها السياسية العدائية وتدخلاتها المستمرة التي أصبحت أكثر من أن تُحصى. أمّا الأمر الثاني، فهو أنّ الحليف الأمريكي غير مأمون الجانب والثقة فيه صعبة، ولوحظ أنّ التحدث الصريح عن وجود توجّس لدى العرب من قيام صفقة بين أمريكا وإيران تأتي على حسابهم لاسيما في الخليج العربي أثار حساسية لدى الجانب الأمريكي المشارك الذي أنكر هذا الأمر معتبراً أنّ الحديث عن صفقات مع أمريكا يأتي ضمن سياق نظرية المؤامرة وأنه غير صحيح. والغريب أنّ الأمريكيين والأوروبيين يشددون على ضرورة تعزيز الديمقراطية في العالم العربي، لكنهم لا يريدون أن ينعكس العداء الشعبي لسياساتهم ولسياسة إسرائيل ولسياسة إيران في العمل السياسي، وهي إشكالية لا يساعدون على حلها بل على تعقيدها من خلال إصرارهم على دعم إسرائيل غير المحدود والأعمى من جهة، والتغاضي عن السياسات التخريبية الإيرانية والمضي قدماً في سياسات خاطئة في المنطقة تذهب نتائجها لصالح إيران على حساب العرب من جهة أخرى. فالشعوب العربية لديها كلمة في المعادلة الجارية، وصورة وسيرة الولاياتالمتحدة ليست جيدة لدى الشعوب العربية. وفقاً لاستطلاعات الرأي فإن إسرائيل وإيرانوالولاياتالمتحدة تعدّ خطراً على العالم العربي وفق الصورة العامة السائدة، وهذه حقيقة لا يمكن القفز عليها. كان لافتاً أيضاً وهو أمر يلاحظ دوماً في المؤتمرات، أنّ من يسمّون بخبراء غربيين أو باحثين متخصصين في الشرق الأوسط، يحملون صورة سطحية جداً عن المنطقة وشعوبها، وجزء في ذلك يعود إما إلى الأجندة التي يحملونها بحيث يلوون الحقائق بما يناسبهم، وإما بسبب عوامل تعود إلينا كعرب منها التقصير في الدعاية، النشر باللغات الأخرى، نقص الشفافية.. إلخ، بحيث نترك المساحة للآخر ليملأ الفراغ عنّا بما يناسبه من تصورات وأحكام. من الأمور التي ظهرت بشكل واضح في النهاية، ضرورة اعتماد العرب والخليجيين على أنفسهم لأنه لا بديل عن ذلك. فمع الأسف العرب ضعفاء والخليجيون كذلك، وليست هناك آلية لتحويل عناصر القوة إلى عنصر فاعل في مواجهة المخاطر الخارجية في ظل الاعتماد على الخيار السهل وهو المال والأجنبي.