الداخلية : ضبط (21477) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    الجيش السوداني يطوق وسط الخرطوم    سورية: اعتقال المتهم بارتكاب مجزرة كفر شمس    تنفيذ حُكم حد الحرابة بجانِيين في منطقة الرياض    الصين تعلن اكتمال بناء أكثر من 30 ألف مصنع ذكي    المنتدى السعودي للإعلام يستقطب شخصيات عالمية في نسخته الرابعة    ماتياس: لهذا السبب استبعدت «فيرمينيو»    انخفاض درجات الحرارة ورياح نشطة مثيرة للأتربة على عدة مناطق في المملكة    أكثر من 40 ألف مشارك من 100 دولة يجتمعون في ماراثون الرياض 2025    الأردن.. مقتل عائلة كاملة إثر استنشاق غاز مدفأة    تحويل منزل فيروز «القديم» متحفاً في لبنان    تراجع معدل الخصوبة في السعودية إلى 2.7    أمريكا: العثور على الطائرة المفقودة في ألاسكا ومقتل جميع ركابها    «إيلون ماسك» يشارك تغريدة قائد فريق النصر    «فائق وشريفة»: رفع علم المملكة حلم لكل رياضي    24 مليون مشاهدة تجسد تأثير كريستيانو رونالدو    جون دوران يدخل تاريخ النصر    ورشة التوعية برؤية واستراتيجية وزارة الموارد البشرية بالمدينة    الهلال يُحافظ على سالم الدوسري    على كأس خادم الحرمين الشريفين سباقات القدرة والتحمل العالمي في العُلا    انطلاق بطولة VEX IQ لصُنّاع المستقبل في تصميم وبرمجة الروبوتات    إيمري يتطلع للتحدي الضخم بإعادة ماركوس راشفورد لمستواه    "الأونروا" تؤكد تعرض سكان غزة لعملية تهجير ممنهجة    جوجل تضيف علامات مائية خفية للصور للكشف عن التعديلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي    ترودو يدعو إلى أخذ تهديد ترامب بضم كندا على «محمل الجد»    جامعة أمِّ القُرى تستضيف الاجتماع التَّشاوري الثَّامن لرؤساء الجامعات    فعالية "حكاية شتاء" تجمع أكثر من 14,000 زائر في قاعة مكة الكبرى    إنجاز أكثر من 80% من مشروع الطريق الدائري الأوسط في الطائف    الوحدة يُعلن عن تعرض أنظمة الشركة المشغلة لمتجر النادي ل «الاختراق»        فريق الوعي الصحي بجازان يشارك بمبادرة "سمعناكم" لذوي الإعاقة السمعية    ضبط شخص في جازان لتهريبه (60) كيلوجرامًا من مادة الحشيش المخدر    «تعليم الرياض» يحصد 39 جائزة في «إبداع 2025»    تتويج السعودي آل جميان بلقب فارس المنكوس    وزير الصناعة يختتم زيارة رسمية إلى الهند    أمير القصيم يهنئ تجمع القصيم الصحي بفوزه بأربع جوائز في ملتقى نموذج الرعاية الصحية 2025    خطيب الحرم المكي: كل من أعجب بقوته من الخلق واعتمد عليها خسر وهلك    خطبة المسجد النبوي: من رام في الدنيا حياةً خالية من الهموم والأكدار فقد رام محالًا    مفتي عام المملكة ونائبه يتسلمان التقرير السنوي لنشاط العلاقات العامة والإعلام لعام 2024    النمر العربي.. مفترس نادر يواجه خطر الانقراض    الصقيع يجمد المياه في الأماكن المفتوحة بتبوك    العُلا.. متحف الأرض المفتوح وسِجل الزمن الصخري    ملامح الزمن في ريشة زيدان: رحلة فنية عبر الماضي والحاضر والمستقبل    «حصوة وكرة غولف» في بطنك !    أمانة المدينة تدشّن نفق تقاطع سعد بن خيثمة مع "الدائري الأوسط"    ما العلاقة بين لقاحات كورونا وصحة القلب ؟    أضرار الأشعة فوق البنفسجية من النافذة    سبق تشخيصه ب«اضطراب ثنائي القطب».. مغني راب أمريكي يعلن إصابته ب«التوحد»    لماذا لا يجب اتباع سنة الأنبياء بالحروب..!    كيف كنا وكيف أصبحنا    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس الجزائر في وفاة رئيس الحكومة الأسبق    وكيل وزارة الداخلية يرأس اجتماع وكلاء إمارات المناطق    الملك وولي العهد يُعزيان ملك السويد في ضحايا حادثة إطلاق نار بمدرسة    ثبات محمد بن سلمان    «8» سنوات للأمير سعود في خدمة المدينة المنورة    لبلب شبهها ب «جعفر العمدة».. امرأة تقاضي زوجها    إطلاق برنامج التعداد الشتوي للطيور المائية في محمية جزر فرسان    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحج .. قيمة لم نستثمرها
نشر في شبرقة يوم 04 - 11 - 2012

إذا قدر لشخص في تخوم سيبيريا أو في غابات البرازيل أو على سفوح جبال الألب بدءاً من النمسا شرقاً وحتى ألمانيا وفرنسا غرباً ، إذا قدر له أن يرى قرابة أربعة ملايين مسلم وهم محتشدون في صعيد عرفات ، في لباس واحد ، وفي حركة أداء واحدة حيث أكفهم مرتفعة بالدعاء ، ثم في مسجد نمرة ركعاً سجداً في تناغم مذهل .. ثم بعد ذلك يقرأ ويرى أحوال المسملين فيراهم دولاً متخلفة في معظمها ، وبلاد ينؤ عدد منها بالتفجيرات والاضطرابات والحروب ، وواحد من بلدانهم مستعمرة إسرائيلية منذ أكثر من ستين عاما ، فكيف يمكن لعقله أن يجمع بين جمال المشهد الاسطوري للمسلمين في عرفات ، وبين ما يجري في ديار المسلمين من اختلالات؟
.. كنت في واقع الأمر أتمنى لو أن الأمة الإسلامية قد أجمعت أمرها ، وتنادت بصدق عن بكرة أبيها لرسم عمل إسلامي مشترك وفق رؤية استشرافية ، تستلهم من اجتماع موسم الحج عبرة وعظة ، في أن هذه الأمة يمكن أن تتوحد ، ويمكن أن تجتمع ، وليس عصياً عليها أن تتدبر أمرها ، لتصبح رقماً مهماً في هذا العالم ، بعد أن أثخنتها جراح الفرقة والشتات دهراً ، وبعد أن مزقتها الخلافات المذهبية والايديولوجية زمناً ، فأرخت رأسها عن النظرة الأفقية إلى مجرد الطأطأة حول أنفها وعند رجليها ، فكان من الطبيعي أن يكون هذا هو حالها ، وشاعرنا المتنبئ يقول :
وإذا كانت النفوس كباراً=تعبت في مرادها الأجسام
ويقول الإمام الشافعي:
من يهن يسهل الهوان عليه=ما لجرح بميت إيلام
.. ويقول الجرجاني :
أرى الناس من داناهم هان عندهم=ومن أكرمته عزة النفس أُكرما
ولا يعني هذا أن ننفصل عن محيطنا العالمي ، ولا أن نستعدي العالم من حولنا شرقاً وغرباً ، ولكن علينا أن ننطلق من مبدأ (الاحترام المتبادل) بحيث (احترمني - واحترمك) وبحيث يفهم هذا العالم أننا أمة ذات جذر حضاري عظيم ، وأن من حقنا المشروع أن نرفع رؤوسنا لتعانق الجوزاء فعلاً وقولاً ، وأن نسير مع العالم أجمع على قدم المساواة ، فنحن أمة أكرمها الله بالاقتصاد ففي عام 2012 أفادت التقارير الرسمية أن 69% من النفط العالمي هو في العالم الإسلامي و57% من احتياطي الغاز هو في أراضي دول العالم الإسلامي ، وأن هناك 21% من الأراضي الزراعية عالمياً في ديار المسلمين ، و34% من المحاصيل الزراعية دولياً من عالمنا الاسلامي.
كما أن العالم الإسلامي يحتل قلب الأرض ، ومعنى ذلك أنه في أفضل موقع استراتيجي في الكون بممراته البحرية والجوية والبرية ، وأن قبلة الكون الكعبة المشرفة هي محور الأرض ومحط أفئدة المؤمنين ، وأنها القوة الروحية الهائلة ، والضوء الإيماني الخيّر ، الذي يستطيع أن يقدم للعالم التسامح والمحبة والوسطية والعدل ، وأن يحارب الكراهية والتمييز والظلم .. وبهذا وبغيره من معطيات الخير في العالم الإسلامي يمكن أن تقوم حالة فريدة من التكامل الاقتصادي المعرفي العلمي التي تمنح الخير والتقدم والعزة ل (1.7) مليار إنسان هم عدد سكان العالم الإسلامي (23% من سكان العالم) بحيث يمكن للدولة الغنية إسلامياً كمثال أن تستثمر زراعياً في الأخرى الزراعية ، ضمن سياسات موحدة زراعياً ، وبتنسيق اقتصادي يستفيد من الموارد المتاحة في العالم الإسلامي ، وينقل التكنولوجيا ، وينظم النقل والملاحة ، ويوحد سياسات الضرائب وانتقال رؤوس الأموال ، ضمن تشريعات اصلاحية مالية ذات شفافية ومصداقية وموثوقية.
يجب في حقيقة الأمر -وهذا طموح كل مسلم- ألاّ نجعل المشهد المهيب لاجتماع الأبدان والقلوب في موسم الحج من كل عام يذهب سدى ، بل لابد أن نترجمه إلى ممارسات على الأرض ، فكما تلاقت الأبدان في عرصات المسجد الحرام ، وفوق جبال عرفات ، وفي شعاب وادي منى على الحب والإخاء والمودة ، يجب أن تتلاقى في حياتها العامة بعد أن تقفل من حجها ، وينفض سامرها من الديار المقدسة ، لأنه وببساطة يمكن اجتماع أمر هذه الأمة ، ويمكن توحيد قرارها وارادتها وطموحها ، وتحقيق حلمها للانعتاق من التخلف والتبعية ، ومن براثن النكوص والوهن ، لتعود أمة حيّة تنشر الخير في أرجاء الأرض ، وتقدم رسالتها الحضارية كما أرادها ربها سبحانه وتعالى.
ولعلنا في هذا المقام نتذكر الخطاب الملكي الذي تلاه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في أرض منى خلال هذا الموسم 1433ه ، وكيف استشعر الملك ببصره وبصيرته حاجة الأمة إلى التلاحم والحوار ونبذ المذهبيات التي كثيراً ما عطلت تقدم الأمة وأرقتها ، وكيف حذر الملك أمة الإسلام من الشتات والجهل والتحزب والغلو ، لقد كانت كلمات قليلة ولكنها ذات مضامين عميقة ودلالات عظيمة ، وكل مفردة منها تحتاج مشروعاً كبيراً يقام لها وبها ، فهل إلى سبيل من عودة هذه الأمة إلى مجدها وتوحدها استلهاماً من وقفتها الكبرى في تاسع ذي الحجة حول جبل الرحمة بعرفات؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.