المملكة توقع اتفاقية تنفيذ المرحلة السابعة من تشغيل مركز الجعدة الصحي باليمن    الإثارة تتواصل في ممتاز الطائرة    إنذار أحمر وتحذيرات من الدفاع المدني على 3 مناطق    إسرائيل تنتظر رد حماس حول وضع 34 رهينة    ريف يطلق فعالية قرية العسل    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان رئيسة الجمهورية الهيلينية في وفاة رئيس الوزراء الأسبق    2800 جولة إصحاح بيئي    رئيس الوزراء الكندي يعلن عزمه الاستقالة من رئاسة الحزب الحاكم    الليث يقصي الفهود    الترجيحية تصعد بالرائد    وزير الدولة للشؤون الخارجية يستقبل وزير التنمية الكندي    الأمير سعود بن نهار يزور مركزي" السيل والعطيف" ويقف على الأسكان التنموي والميقات.    نائب أمير تبوك يثمن حصول فرع هيئة الهلال الأحمر السعودي بالمنطقة    هيئة الهلال الأحمر السعودي بمنطقة نجران تحتفل بالمتطوعين    محافظ الليث يستعرض مع أمين جدة المشاريع التنموية بالمحافظة    11 فبراير: معرض جازان للكتاب 2025    60 مليون ريال مطالبات مالية من مركز التحكيم الرياضي السعودي بنهاية 2024م    أمير المدينة يستقبل مواطنا تنازل عن قاتل ابنته    إطلاق خارطة طريق بناء منظومة التقنيات العميقة في السعودية    «سلام» يُخرّج الدفعة السابعة لتأهيل القيادات الشابة للتواصل العالمي    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان "هذه البلاد بناء شامخ علينا جميعاً العمل على أن يزداد شموخاً"    النصر يجهز رونالدو للقاء الأخدود    أمر وحيد يُبعد يوسف النصيري عن النصر    أمين الطائف يتابع جهود احتواء آثار الحالة المطرية وفرق السيول تباشر اعمالها    النائب العام يتفقد مركز حماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا    زراعة جهاز على البطين الأيسر يجدد خلايا القلب 6 أضعاف السليم    متحدث الأرصاد: شاهقة رابغ تعد الأقوى من نوعها ولامست الشاطئ لأول مرة    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى 12104 نقاط    وزارة المالية: 139 مليار ريال الاحتياجات التمويلية لتغطية عجز 2025    المدينة المنورة تسجّل أعلى كمية أمطار ب 49.2 ملم في الشفية بدر    تحطم مروحية في ولاية جوجارات الهندية ومقتل طاقمها    محافظ الأحساء: نقل مسار قطار البضائع خارج النطاق العمراني سيحسن جودة الحياة    جمعية رافد تطلق اللقاء الأول بعنوان المشاركة المجتمعية وأثرها في تمكين الأوقاف بجدة    أمير الرياض يستقبل سفير جمهورية سيراليون المعيَّن حديثًا لدى المملكة    أمير منطقة حائل يدشن مهرجان "حرفة"    التجارة : ارتفاع إجمالي السجلات المصدرة في الربع الرابع من 2024 ل 67%    ديربي الغضب ..سوبر وذهب    الأمير جلوي بن عبدالعزيز يطلق مهرجان نجران الوطني للحمضيات    أمير منطقة تبوك ونائبه يواسان بوفاة الشيخ فهد بن إبراهيم الحمري البلوي    وزير الشؤون الاجتماعية في الإدارة السورية الجديدة يلتقي فريق مركز الملك سلمان للإغاثة    أمانة الطائف تدعو المستثمرين لإنشاء (برج مغامرات)    قطاع ومستشفى بلّحمر يُفعّل "شتاء صحي" و"التغطية الصحية الشاملة"    فقط.. لا أريد شيئاً!    مناسبات أفراح جازان ملتقيات شبابية    دعوة مفتوحة لاكتشاف جمال الربع الخالي    شتاء جازان يحتضن مواهب المستقبل مع أكاديمية روائع الموسيقية    بيع سمكة تونة ب266 ألف دولار    آفاقٍ اقتصاديةٍ فضائية    «سحر بحراوي: الجولة الثانية !»    ميزة من «واتساب» للتحكم بالملصقات المتحركة    اختتام معرض «وطن بلا مخالف»    تقنية تفك تشفير الكلام    اليقطين يخفض مستوى الكوليسترول    المستشفيات بين التنظيم والوساطات    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الوليد بن طلال    الملك وولي العهد يعزيان العاهل الأردني في وفاة ماجدة رعد    انطلاق ملتقى دعاة «الشؤون الإسلامية» في نيجيريا    تأخر المرأة في الزواج.. هل هو مشكلة !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحج .. قيمة لم نستثمرها
نشر في البلاد يوم 04 - 11 - 2012

إذا قدر لشخص في تخوم سيبيريا أو في غابات البرازيل أو على سفوح جبال الألب بدءاً من النمسا شرقاً وحتى ألمانيا وفرنسا غرباً، إذا قدر له أن يرى قرابة أربعة ملايين مسلم وهم محتشدون في صعيد عرفات، في لباس واحد، وفي حركة أداء واحدة حيث أكفهم مرتفعة بالدعاء، ثم في مسجد نمرة ركعاً سجداً في تناغم مذهل.. ثم بعد ذلك يقرأ ويرى أحوال المسملين فيراهم دولاً متخلفة في معظمها، وبلاد ينؤ عدد منها بالتفجيرات والاضطرابات والحروب، وواحد من بلدانهم مستعمرة إسرائيلية منذ أكثر من ستين عاما، فكيف يمكن لعقله أن يجمع بين جمال المشهد الاسطوري للمسلمين في عرفات، وبين ما يجري في ديار المسلمين من اختلالات؟
.. كنت في واقع الأمر أتمنى لو أن الأمة الإسلامية قد أجمعت أمرها، وتنادت بصدق عن بكرة أبيها لرسم عمل إسلامي مشترك وفق رؤية استشرافية، تستلهم من اجتماع موسم الحج عبرة وعظة، في أن هذه الأمة يمكن أن تتوحد، ويمكن أن تجتمع، وليس عصياً عليها أن تتدبر أمرها، لتصبح رقماً مهماً في هذا العالم، بعد أن أثخنتها جراح الفرقة والشتات دهراً، وبعد أن مزقتها الخلافات المذهبية والايديولوجية زمناً، فأرخت رأسها عن النظرة الأفقية إلى مجرد الطأطأة حول أنفها وعند رجليها، فكان من الطبيعي أن يكون هذا هو حالها، وشاعرنا المتنبئ يقول: "وإذا كانت النفوس كباراً - تعبت في مرادها الأجسام".. ويقول الإمام الشافعي: "من يهن يسهل الهوان عليه - ما لجرح بميت إيلام".. ويقول الجرجاني "أرى الناس من داناهم هان عندهم - ومن أكرمته عزة النفس أُكرما".
ولا يعني هذا أن ننفصل عن محيطنا العالمي، ولا أن نستعدي العالم من حولنا شرقاً وغرباً، ولكن علينا أن ننطلق من مبدأ "الاحترام المتبادل" بحيث "احترمني - واحترمك" وبحيث يفهم هذا العالم أننا أمة ذات جذر حضاري عظيم، وأن من حقنا المشروع أن نرفع رؤوسنا لتعانق الجوزاء فعلاً وقولاً، وأن نسير مع العالم أجمع على قدم المساواة، فنحن أمة أكرمها الله بالاقتصاد ففي عام 2012 أفادت التقارير الرسمية أن 69% من النفط العالمي هو في العالم الإسلامي و57% من احتياطي الغاز هو في أراضي دول العالم الإسلامي، وأن هناك 21% من الأراضي الزراعية عالمياً في ديار المسلمين، و34% من المحاصيل الزراعية دولياً من عالمنا الاسلامي.
كما أن العالم الإسلامي يحتل قلب الأرض، ومعنى ذلك أنه في أفضل موقع استراتيجي في الكون بممراته البحرية والجوية والبرية، وأن قبلة الكون الكعبة المشرفة هي محور الأرض ومحط أفئدة المؤمنين، وأنها القوة الروحية الهائلة، والضوء الإيماني الخيّر، الذي يستطيع أن يقدم للعالم التسامح والمحبة والوسطية والعدل، وأن يحارب الكراهية والتمييز والظلم.. وبهذا وبغيره من معطيات الخير في العالم الإسلامي يمكن أن تقوم حالة فريدة من التكامل الاقتصادي المعرفي العلمي التي تمنح الخير والتقدم والعزة ل "1.7" مليار إنسان هم عدد سكان العالم الإسلامي "23% من سكان العالم " بحيث يمكن للدولة الغنية إسلامياً كمثال أن تستثمر زراعياً في الأخرى الزراعية، ضمن سياسات موحدة زراعياً، وبتنسيق اقتصادي يستفيد من الموارد المتاحة في العالم الإسلامي، وينقل التكنولوجيا، وينظم النقل والملاحة، ويوحد سياسات الضرائب وانتقال رؤوس الأموال، ضمن تشريعات اصلاحية مالية ذات شفافية ومصداقية وموثوقية.
يجب في حقيقة الأمر - وهذا طموح كل مسلم - ألاّ نجعل المشهد المهيب لاجتماع الأبدان والقلوب في موسم الحج من كل عام يذهب سدى، بل لابد أن نترجمه إلى ممارسات على الأرض، فكما تلاقت الأبدان في عرصات المسجد الحرام، وفوق جبال عرفات، وفي شعاب وادي منى على الحب والإخاء والمودة، يجب أن تتلاقى في حياتها العامة بعد أن تقفل من حجها، وينفض سامرها من الديار المقدسة، لأنه وببساطة يمكن اجتماع أمر هذه الأمة، ويمكن توحيد قرارها وارادتها وطموحها، وتحقيق حلمها للانعتاق من التخلف والتبعية، ومن براثن النكوص والوهن، لتعود أمة حيّة تنشر الخير في أرجاء الأرض، وتقدم رسالتها الحضارية كما أرادها ربها سبحانه وتعالى.
ولعلنا في هذا المقام نتذكر الخطاب الملكي الذي تلاه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في أرض منى خلال هذا الموسم 1433ه، وكيف استشعر الملك ببصره وبصيرته حاجة الأمة إلى التلاحم والحوار ونبذ المذهبيات التي كثيراً ما عطلت تقدم الأمة وأرقتها، وكيف حذر الملك أمة الإسلام من الشتات والجهل والتحزب والغلو، لقد كانت كلمات قليلة ولكنها ذات مضامين عميقة ودلالات عظيمة، وكل مفردة منها تحتاج مشروعاً كبيراً يقام لها وبها، فهل إلى سبيل من عودة هذه الأمة إلى مجدها وتوحدها استلهاماً من وقفتها الكبرى في تاسع ذي الحجة حول جبل الرحمة بعرفات؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.