الإحصائيات أساس التخطيط السليم شريطة أن تكون صادقة وموثوقة ومبنية على أسس علمية معروفة. والأمم اليقظة يهمها جداً التنبؤ بالمستقبل بصورة إيجابية تسهم في الحد من مشكلاتها ومواجهة تحدياتها وتحسين ظروف العيش فيها خاصة للأجيال القادمة. والدراسات المبنية على الإحصائيات منظومة متكاملة تتناول الحالة الاجتماعية والاقتصادية وكذلك التعليمية والأمنية والصحية وغيرها. ونضرب مثلا بالحالة الصحية ، وهي الأكثر أهمية إذ بالتخطيط السليم يمكن تحقيق فارق كبير. في أحدث الدراسات التي تتناول معدلات البدانة في الولاياتالمتحدة Obesity يتوقع ارتفاع المعدل من 36% في عام 2010 إلى 42% في عام 2030م إذا لم يتم تدارك الوضع عبر إجراءات فعالة مناسبة وتدخل رسمي مؤثر. ذلك أن فاتورة علاج الأمراض الناتجة عن البدانة أو السمنة تبلغ حالياً 147 مليار دولار سنويا في الولاياتالمتحدة فقط. وتلكم (الدراهم) فقط، فضلاً عن المشكلات الأخرى الاجتماعية والاقتصادية والأسرية والانتاجية وغيرها. وهنا مربط الفرس الذي يساعد على اتخاذ القرار السليم ليس على مستوى صاحب القرار فحسب ، وإنما حتى على مستوى الأسر والأفراد. تلك البيانات هي النذير لكل من استمع إلى نداء العقل والحكمة. وأما مسايرة التيار ، فتلك مصيبة تنمو ببطء ونار تحت الرماد يغطيها خيار إرجاء حل المشكلة إلى ما بعد. في حال الصحة مثلاً ، يتحمل الأبوان كل مخاطر السكوت عن الغذاء غير السليم ، وعن الجلوس بلا حركة كافية لمدة طويلة أمام التلفزيون والألعاب الإلكترونية. وفي التعليم يدفع الأبناء والبنات ثمناً باهظاً كونهم يرغبون في حصد الامتيازات بلا جهد مبذول ولا عناء مشهود. وفي حال الاقتصاد ننسى الحكمة القديمة (ادخر القرش الأبيض لليوم الأسود) ، فترانا لا نضيع الأبيض ، وإنما نستدين الأسود لنغطي كماليات كان يمكن غض الطرف عنها ولو لحين. مبدأ (حياة سهلة) لا يستقيم مع القرارات الصعبة التي يجب أن يتخذها المسؤول حتى لا يعض أصابع الندم فيما بعد. المسؤول راع مسؤول عن رعيته حتى لو صعب القرار وشق على البعض ، لكن لا بد من التسبيب له عبر دراسات جيدة مبنية على معلومات صحيحة وبيانات موثقة ونماذج علمية واضحة.