قال لي القلم ذات مساء : إلا تعلم أن الأمل ينمي الطموح والإرادة ، واليأس يقتلهما . فقلت لهُ أعلم ، ولكن في هذا الزمان ... فقطعني قبل أن أكمل حديثي وقال : ولكن لا يأس مع الحياة ، ولا حياة مع اليأس ، ثم أنشد قائلاً. أُعَلِّلُ النَّفْسَ بالآمال أَرْقُبُها=ما أَضْيَقَ الْعَيْشَ لولا فُسْحَة الأمل ثم بدأ يتحدث ويقول : لماذا لا تودع اليأس والإحباط والتشاؤم ، لأنها هي التي تفسد التعايش الجميل في الحياة ، بل أنها تفسد الحاضر والمستقبل . ألم تقرأ قصة القائد الذي هُزم في أحد المعارك فتمكن اليأس منه وسيطر عليه فترك جيشه وانعزل عنهم في مكان خالي وجلس بالقرب من صخرة كبيرة ، وبينما هو على تلك الحال وإذ به يرى نمله تجر حبة قمح وتحاول أن تصعد إلى أعلا الصخرة حيث تسكن ولكن تسقط منها حبة القمح وتعود لجرها مره تلوا الأخرى ... وهكذا. وكان القائد يراقب النملة وهي تحاول فالصعود بحبة القمح عدت مرات باهتمام ، حتى نجحت في ذلك ، فتعجب القائد المنهزم من هذه النملة الصغيرة وكيف لم تيأس من كثر المحاولات ، ثم نهض القائد وقد ملأه الأمل فجمع الجيش وأعاد إليهم عزيمتهم ، وأخذ في تجهيزهم للحرب ، وبالفعل أنتصر القائد في المعركة على أعدائه وكان سلاحه الأول هو الأمل الذي تعلمه من تلك النملة الصغيرة. وهنا يحاولون التخلص منه ويتآمرون عليه ليلقوا به في البئر ... ويقولون أن الذئب قد أكله ... ويعودون بقميصه المليء بالدماء لكي يصدقهم أباه بأنه قد مات .. هو يوسف عليه السلام .. والمتآمرون هم أخوته ... ولكن أبوه يعقوب عليه السلام كان صابراً محتسباً يدعوا الله بأن يجمعه مع ولده ولو بعد حين. كيف تريد أن تتطلع إلى غدٍ واعد ، وأنت غارق في اليأس والتشاؤم ؟ دع عنك هذا الأسلوب في التفكير وحاول أن تفكر بطريقة المتفائل ، فالأمل والتفاؤل ، يدفعك إلى العمل ، ويحفز الهمم ، ويرفع من منسوب التعايش مع النفس بطريقة جميلة. فبدون الأمل لن تستطيع مواجهة تحديات الحياة ، وستبرز الخضوع والاستسلام ، ولن تستطيع تحقيق ما تريد. ولكن لو تسلحت بالأمل ، فسوف تسحق كل التحديات التي ستواجهك بكل ثقة ، وهمه ، وعزم . أملئ الحياة بالأمل ودعه ينير العقول ، والقلوب ، والدروب. فلو عشت اليوم وأنت تعلم أنه سوف يأتي الغد ، عندها سوف تدفن التشاؤم واليأس ، وستبدأ بزرع بذرة الأمل. إن الأمل يا صاحبي هو مشكاة الحياة وهو سر الحياة وهو إكسير الحياة بدون الأمل لا نستطيع العيش فعند أول مصاب يصيبنا تجدنا نتسلح بالإيمان ليعطينا الأمل. إن العبد حين يكون مؤمنا حقا فإنه لن ييأس بل سيكون دائما مستبشرا راضيا متطلعا للأحسن في كل الأمور أصابه في طريقه ما أصابه . وقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير ؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له). فهو في كل الأحوال موعود بالخير فكيف ييأس؟. قال ابن مسعود رضي الله عنه : (الهلاك في اثنتين : القنوط والعُجب) ... والقنوط هو اليأس ، والعجب هو الإعجاب بالنفس والغرور بما قدمته. وقال احد الحكماء : تأمل الحياة تصبح حكيماً. فالأمل قرار ، وللحياة أوتار ، ولو بحث عنه المهزوم لوجده بالجوار. فهو كالماء للإنسان ، ولليأس ثعبان ، ولا يتقلده إلا الشجعان. ثم قال : لا خير في اليأس ، كُلُّ الخير في الأمل=أَصْلُ الشجاعةِ والإقدام ِفي الرَّجُلِ فقلت له : من أين أتيت بهذا كله. فقال : من ثقب الإبرة.