بحثتُ عن معلومات وإحصاءات حول قيام رجال الأعمال السعوديين بمشاريع خيرية في الوطن فلم أجد إلا القليل والمخجل ، بحجم الثروات الهائلة التي يجنونها من خيرات هذا البلد ، وفي اعتقادي أنهم يرون أن ما يدفعونه من زكاة أموالهم كاف في خدمة الوطن ، مع العلم أن الزكاة ركنٌ من أركان الإسلام ، وواجب فيما بلغ النصاب من عروض التجارة ، وليس لأحد مِنّة في ذلك ، حتى التبرعات التي يُعلَن عنها في إغاثة المنكوبين في العالم هي جزء من تلك الزكاة ، وكثير من أصحاب الأموال في هذا العام تبرعوا للإغاثة في الخارج من الزكاة ، وتناسوا الأُسَر التي كانت تعيش عليها في الداخل ؛ فمنهم من اقتطع نصف ما كان يُعطيه للمستحق ، والبعض الآخر دفع زكاته كلها للخارج ، وترك مستحقيها في الداخل. نحن لا نعترض على المساعدات الخارجية ، ولكن ليس على حساب المستحقين في الوطن ؛ فالصدقة في القريب صدقة وصلة ، كما جاء في الحديث الشريف.. أعود إلى عنوان هذه المقالة ؛ لأُذكِّر رجال الأعمال ، الذين بلغت ثرواتهم مليارات الدولارات ، بواجبهم الوطني في إقامة المشاريع الخيرية من مستشفيات وجامعات ومدارس ومعاهد وغيرها ؛ فكثير من المواطنين الفقراء نحسبهم أغنياء من التعفف ، وهم في الحقيقة لا يملكون قوت يومهم ، ولديهم من المرضى الذين يعانون أمراضاً مزمنة ، ومن الأبناء والبنات المنقطعين عن التعليم لظروفهم الصعبة ؛ فهم لا يستطيعون الوفاء بالتزاماتهم التعليمية. هل ينتظر أولئك الأثرياء مَنْ يحركهم في أداء دورهم في المجتمع؟ ولماذا لا تكون روح المبادرة منهم كما هو معمول به في الخارج؟ فهناك مشاريع خيرية لرجال أعمال في كثير من الدول لا يوجد عندنا ما يماثلها ، بينما ميزانيات تلك الدول لا توازي ميزانية ملياردير عندنا ، ثم لماذا لا تكون تلك المشاريع ذات مردود رمزي؟ بمعنى أن يدفع المراجع للمستشفى والمتعلم لمدرسته أجوراً رمزية ، لا تثقل كاهله ، بينما يعيش في حياة كريمة ؛ فيكسب فاعل الخير الأجر والمثوبة من الله أولاً ، ثم حب الناس ؛ فهذا هو العمل الرابح ؛ قال صلى الله عليه و سلم (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : علم ينتفع به ، وصدقة جارية ، وولد صالح يدعو له). وأخيراً فإن على رجال الأعمال دوراً كبيراً في تحمُّل جزء من الأعباء التي تقوم بها الدولة التي أعطتهم الحرية الكاملة في أعمالهم ، ولم تطلب منهم مقابلاً لذلك كما يتم في دول أخرى.. ------------------------------------------------- مدير مكتب صحيفة عكاظ بمحافظة الطائف (سابقاً) كاتب بصحيفة سبق الإلكترونية (حالياً).