عندما يقوم أحد الأطفال بحركة ما ، ويضحك منها الجالسون من حوله ، تجده يعيد نفس الحركة أكثر من مرة فيضحك منها الجالسون معه للمرة الثانية أو الثالثة بالكثير ، بعدها يجد الطفل من يوجهه وأن لزم الأمر من يوبخه حتى يتوقف عن تكرار تلك الحركة ، لأنها من جهة لم تعد مضحكة ومن جهة أخرى أصبحت خطرة فقد يؤذي الطفل نفسه دون أن يدري ، نفس الحالة تنطبق على ممثلي (طاش) اللذين لا يزالان يكرران علينا منذ عقدين من الزمن نفس الشخصيات والكركترات والحركات ، وإن كنا قد ضحكنا عليهما من كل قلوبنا في الأجزاء الثلاثة الأولى ، فقد أصبنا بعد ذلك بملل واشمئزاز لا حدود له !! من بين حلقات طاش 18 التي اضطررت لمشاهدتها ، حلقة (ردد يا لليل) ، والتي حاول من خلالها المسلسل النيل من كرامة المحامين والإساءة لمهنة المحاماة الشريفة ، فقد عمموا نظرتهم القاصرة والسوداوية على جميع المحامين دون استثناء ، فصوروهم على أنهم غير قانونيين في الأساس وأنهم كسالا ويمكن الضحك عليهم وأن قبولهم للقضايا وترافعهم عن الغير يأتي من باب الربح ولصالح الفساد والمفسدين وبعيدا كل البعد عن الضمير الحي والمصلحة العامة ! والحقيقة أنها حلقة ضعيفة للغاية (ويمكن أن نطلق عليها بالعامية فضيحة) فالمحامي السوداني جعفر رأيناه بالحلقة يحضر إلى المجلس الشرعي ويترافع أمام القاضي ، في حين أن النظام لا يسمح للأجنبي بالقيام بذلك ، وإنما يسمح له فقط بتقديم الاستشارات القانونية ، كما رأينا العجوز الدعوجي أبو مساعد يفتح مكتب محاماه باسمه ، وهذا الأمر انتهى تدريجيا منذ عشر سنوات (صح النوم يا طاش !) ولم يعد بإمكان أي سعودي غير مرخص له من وزارة العدل أن يتجرأ ويقوم بذلك ، ومن يخالف يعتبر منتحلا لشخصية المحامي ويقع تحت طائلة المساءلة والجزاء بحسب نظام المحاماة. هذه الحلقة الغريبة ، إلى جانب أنها جاءت ضعيفة فنيا (وشخصياتها مكررة ومملة) بشهادة النقاد الفنيين فإنها بعيدة كل البعد عن واقع أغلبية المحامين وتحديدا المرخص لهم ، وإذا كان هناك من ملاحظات على سلوك وأداء بعض المحامين (وهم في الأخير بشر يخطئون ويصيبون) فقد كان بالإمكان طرحها ومناقشتها بشكل متزن وموضوعي ، بعيدا عن التهريج والإسفاف ، أما إذا كان هناك أحد ما قد انتحل شخصية محام وغرر بفنان المسلسل الذي تدخل في تأليف الحلقة (وضحك عليه) فهذا لا يعطيه الحق أبدا في توجيه نظرته وتعميمها على المحامين المرخصين ! وإذا كانوا (عيال طاش) لا يرتدعون ومستمرين في بث المسلسل بما فيه من أفكار وطروحات مكررة ومملة بالرغم من كل التوبيخات التي يتلقونها باستمرار من الكتاب والنقاد وبالرغم من الحكم الصادر ضدهم والذي أثبت أحقية المخرج الأسبق للملكية الفكرية لاسم (طاش) !