.. من المشكلات التي يعاني منها تعليم البنات حالياً قضية الجوالات والتصوير ، وتبرز هذه القضية في المراحل العليا من التعليم العام (المتوسط والثانوي)! حيث المراهقة وثورة المتغيرات الفسيولوجية والسلوكية! وتتحول المشكلة إلى حد السيف حين نحاول تصوير سلوكيات مراهقات أبنائنا وبناتنا على حد سواء عبر الفيس بوك أو التويتر أو غيرهما من أوعية النقل المعلوماتية! بالتأكيد الهشيم لا تذروه الرياح بقدر ما تحرقه النيران!! .. بعض مدارسنا ظهرت فيها مثل هذه المشكلات على السطح وأفضت إلى مشاكل أخرى كالعنف والشغب وبعض حالات الفوضى!! مشكلات جوالات الكاميرا في يد المراهقات لا تتمثل خطورتها فقط فيما تحمله من مقاطع سيئة السمعة أو حتى بريئة مما يحدث خارج أسوار المدرسة ، ولكن مكمن الخطورة تكمن في تصوير بعض البنات لبعضهن ، وأحيانا في مشاهد غير لائقة ، وأيضا تصويرهن لبعض معلماتهن ، وتزداد الخطورة حين تتحوّل هذه الصورة أو المقاطع إلى وسيلة تهديد ببثها عبر الإنترنت!! ونقلت إليَّ بعض المعلمات أنهن أصبحن يرتدين عباءاتهن حتى داخل الفصول -أحياناً- خوفاً من التقاط صور لهن من حيث لا يدرين ، ثم تتحول إلى افتضاح وتهديد! .. وحتى لا (نبخس) المدارس حقها ، فإن بعضها يتابع ويُدقِّق ويقوم بالتفتيش المفاجئ وغير المفاجئ ، لكن ذلك يقابله استماتة من بعض الطالبات في الدخول بهذه الجوالات و(يمعن) كثيراً في التخفي والإخفاء!! .. وما يثير هواجس أولياء الأمور وكل المتابعين ليس في نجاح مراهقة أو أكثر في الإفلات من بين يدي الرقابة لتحول الفصل إلى استوديو متحرك لالتقاط المشاهد وبثها ، ولكن في مقدار فشلنا التربوي داخل بعض مدارسنا .. إلى درجة لم نستطع معها إيجاد تربية سلوكية تحول دون هذه الممارسات!! .. أنا لا أحبذ دائماً (الإقصاء) المطلق ، فهناك جهود وهناك عمل وهناك تعليم ، ولكن لو كانت هناك تربية حقة لتلك الفئات لما حدثت مثل هذه الظواهر!! .. مدارسنا -كما هي بيوتنا وأسرنا- تظل مسؤولة عن مهامها التربوية ، والتربية قبل التعليم ، فما فائدة الدرس إذا نحن أهملنا السلوك!! .. ولعل هذا الجانب تحديداً هو ما جعل بعض المشكلات تواجه بحساسية مفرطة من قبل بعض المسؤولين عن التعليم باعتبار أن أي مشكلة هي اتهام صريح لقصور الأدوار التربوية داخل بعض المدارس!! .. (وترون) القضية .. (يا جماعة الخير) أخطر مما نتوقع ، علينا أن نعي حجم المتغيرات من حولنا ، وهو ما يلقي بظلاله على فكر وسلوك أبنائنا وبناتنا ، وإن لم نتحرك لاستيعاب هذه المتغيرات فإن (تدوير) المؤثرات لن يكون هو الحل وحده .. بعض مشاكلنا لا تموت حين ندفنها في الرمال!! هذه قنابل موقوتة ، وقد قالت إحدى الأخوات الفضليات إنهن أقمن ورشة لاستقراء سلوك الفتيات من خلال آرائهن ، فوجدن ما يزكم الأنوف ويفتح الأفواه ذهولاً!! .. وأجابني أحد المسؤولين بأبرد ما عنده على أحر ما عند أولياء الأمور .. فالإجراءات وفق لوائح السلوك ولن نقدم قرابين داخل مدارسنا!! .. أدركت أن المدرسة ليست أحسن حالاً مما هو خارجها في معالجة مشكلاتها!! * ما أعنيه تحديداً وما أصيح له بالصوت العالي هو أن الأدوار الرقابية ليست هي كل الحل هي جزء منه فقط ، أما أهمه فهو أن تستنهض مدارسنا وإدارات تعليمنا مهامها ومسؤولياتها التربوية ، بناء السلوك هو خط الحماية الأول على أن ذلك يجب ألا يعفي المؤسسات المجتمعية من مسؤولياتها كشريك في التربية. .. هذه ناحية ، أما الناحية الأهم فإن التصوير الآن يدخل في نطاق الجريمة المعلوماتية .. أتدرون ما عقوبتها ..؟! السجن ابتداء من سنة مع غرامة مادية تصل إلى عشر آلاف ريال، وتنتهي بالسجن لمدة خمس سنوات مع غرامة مالية تصل إلى 5 ملايين ريال. بما في ذلك التصوير الفوتوغرافي العادي ، وبما في ذلك التصوير بالجوال من غير إذن ، بل التصوير في الأسواق والمحلات العامة التي تراقب بالكاميرات ، تدخل في هذه الجريمة ، وهي تصوير المرتادين من غير علمهم دون أن تكتب تحذيراً بذلك..! .. القضية لم تعد يا سادة في مداها القانوني مجرد تصوير جوال (ولعب عيال وعبث بنات) يقابلها إجراءات عادية تحت قبة التعليم .. إنها أخطر من ذلك بكثير ويجب أن تستحضر الطالبات وأسرهن ومن خلفهن التربويون ذلك ، بل وعلى مدارسنا أن تقوم بإشاعة ثقافة الجرائم المعلوماتية للتنوير والتحذير ، وحتى لا تتحول التقنية إلى سيوف تدمي الكفوف!! خاتمة : يقول عمر بن الخطاب : علق عصاك حيث يراها أهل الدار.