ما كان الرفقُ في شيء إلا زانه ، وما نُزع من شيء إلا شانه .. هذا قول المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم. والدعوة إلى الله لم تنجح بالضغط والعنف ؛ فقد جاء الخطاب من الله لرسوله في القرآن الكريم بالدعوة إلى الله بالحِكْمة والموعظة الحسنة ، قال تعالى {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ..} (125) سورة النحل ، وقال تعالى {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (56) سورة القصص. إنَّ القسوة في القول والفعل تُنفّر بل إنها قد تؤدي إلى عملية عكسية باتخاذ العند والوقوف المضاد والتمسك بالرأي حتى لو كان غير صحيح. وما تم إطلاقه على بنت من بناتنا أخطأت من أوصاف من البعض لا يليق بنا نحن المسلمين أن نُطلقه ؛ فوصفها بالفاسقة يدل على التسرع في إصدار حُكْم دون تروٍّ ؛ فلم يكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- سبَّاباً ولا لعَّاناً ولا فحاشاً ، وكما جاء في الحديث (سبابُ المسلم فسوق وقتاله كُفر). إن وقوع المسلم في أخطاء لا يعطينا الحق في مهاجمته والنَّيْل من سمعته بل يجب الأخذ بيده من منطلق (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً..). فكم هي سعادة الإنسان عندما يواجه مخالِفاً فيدله على الخير بأسلوب ليّن ؛ فيتقبله منه بصدر رحب ، ويتراجع عن مخالفته.. لقد أخطأت منال الشريف عندما روّجت لنزولها إلى الشارع لقيادة السيارة ، واعترفت بأنها كانت مخطئة ، ونادت بنات جنسها إلى الابتعاد عن هذا المسلك بعد أن اتضحت الأمور أمامها .. وأتساءلُ : أين كان مَنْ استطاع إقناعها بخطأ ارتكبته ، قبل نزولها إلى الشارع؟! إنني ما زلتُ أقول وأُكرِّر ما قلته في مقالات سابقة بأننا -ولله الحمد- في مجتمع صالح ، يتقبل الحوار ، ويدين بالولاء لقادة هذه البلاد ، وليس أدل على ذلك من التفاف أبناء الوطن جميعاً حول قضية الحوار التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ورعاه ، وإنشائه مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني ، الذي ساهم مساهمة كبيرة في تقريب وجهات النظر في كثير من القضايا الداخلية .. وكل أمنياتنا أن يستمر المركز في مناقشة العديد من القضايا ، وتقريب وجهات النظر ، بما يعود بالخير على الوطن والمواطن وَفْق الشريعة الإسلامية. --------------------------------------------------- مدير مكتب صحيفة (عكاظ) بمحافظة الطائف (سابقاً) ، كاتب بصحيفة سبق الإلكترونية (حالياً).