ذُهِلتُ لأعداد المرضى من الرجال والنساء الذين يراجعون عيادات شيوخ الرقية الذين انتشروا في أنحاء الوطن ؛ فالمريض يتنقل بينهم لطلب العلاج موهوماً بأنه مُصاب بالعَيْن أو بالسحر أو بالمَسّ. ونجد أن 70% من المرضى من النساء ؛ لأنهن أكثر قابلية لتصديق الراقي في تشخيصه المرض ، ولأنهن أقل تحصيناً لأنفسهن من الرجال. والرقاة يعتمدون في تشخيصهم للحالة على المعلومات التي يُدلي بها المريض ؛ فتارة يُشخِّص الراقي الحالة تشخيصاً معيناً ، وعندما يُعطَى معلومة جديدة يغيِّر رأيه إلى تشخيص آخر ، والمريض مستسلم لما يطرحه الراقي طلباً للشفاء ، خاصة إذا علمنا أن الرقية تكون بالقرآن الكريم والأدعية المأثورة ، وقد يأتي الشفاء من الله ببركة ذلك. والمدهش أن المراجعين لا يوجد بينهم أي شخص غير سعودي ، رغم أن أكثر من ربع سكان السعودية أجانب ، ولا يوجد فيهم المصاب بالسحر أو بالعَيْن أو المَسّ ؛ فربما أن الجنّ لدينا لا يرغبون في الأجنبي ، وإنما يحبون أن يكون المصاب محلياً تشجيعاً للسعودة ، بالرغم من أن معظم الأسحار مستوردة من إفريقيا وشرق آسيا ، وأن الجنّ المسخرين -والعياذ بالله- أجانب من بلد التصدير. نحن نؤمن بأن العَيْن حق ، وأن الحسد هو أشد الأمراض فتكاً بالناس هذه الأيام ؛ فقلوب الناس أصبحت فارغة من ذكر الله ، إضافة إلى الرغبة الجامحة في امتلاك ما يملكه الآخرون ؛ فهم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله كما جاء في القرآن الكريم. إن على الدعاة والداعيات وأئمة المساجد واجباً دينياً للقضاء على هذا الداء الخطير الذي ينخر في جسد الأُمَّة ؛ فلا يكاد يخلو بيت من مريض بالعَيْن أو السحر ، وتبصير الناس بالطريقة المثلى لتحصين أنفسهم ، سواء بالأدعية أو الآيات القرآنية الكريمة ، واجب ديني ، وعلى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عدم التستر على السحرة ، وكشفهم على حقيقتهم ، ونشر صورهم وأسمائهم أسوة بالمزوِّرين ؛ فهم أشد منهم ضرراً على البلاد والعباد. فائدة : مَنْ أراد تحصين نفسه فعليه بقراءة آية الكرسي وسور الإخلاص والمعوذتين ؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم في فضل آية الكرسي (ما قُرئت هذه الآية -يعني آية الكرسي- في دار إلا هجرها الشيطان ثلاثة أيام ، أو قال ثلاثين يوماً. ولا يدخلها ساحر ولا ساحرة أربعين ليلة ، يا علي علمها أهلك وولدك وجيرانك فما نزلت آية أعظم منها ، ومن قرأها إذا أخذ مضجعه أمَّنه الله على نفسه وجاره وجار جاره والأبيات حوله). --------------------------------------------- مدير مكتب عكاظ (سابقاً) بمحافظة الطائف ، كاتب بصحيفة سبق الإلكترونية (حالياً)