في التعقيب الذي كتبه الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار ، والذي نشرت أمس مقتطفات منه لفتت نظري الفقرة التالية التي يقول فيها الأمير: (نؤكد هنا أن الهيئة العامة للسياحة و الآثار- بحمد الله - قادرة تنظيمياً و بشرياً على إدارة هذا المشروع المهم – المقصود مشروع المحافظة على جدة التاريخية وتطويره - إذا ما توافرت لها الموارد والصلاحيات التي مكنت شركة أرامكو السعودية من التميز والأداء الفعال في إدارة المشاريع ، و نحن نعتز في الهيئة بمنظومة منسوبي الهيئة من المواطنين المؤهلين والمخلصين الذين تم استقطابهم لإدارة مهام ومشاريع متعددة ومعتمدة وفي اختصاصات متنوعة في معظم الحالات وعلى مساحات بلادنا الشاسعة ومع طبقات من الشركاء في المناطق ومؤسسات الدولة والمجتمعات المحلية ، وقد تم تدريب و تأهيل هؤلاء المسؤولين في أفضل مراكز التدريب المحلية والعالمية ، وهم يعملون في بيئة منظمة لا تختلف عما يوجد في أفضل الشركات العاملة في بلادنا ومنها شركة أرامكو السعودية التي نعتز بها واستفدنا من تجربتها العملية في بناء جهاز الهيئة الإداري وإدارة المشاريع) ، هذه الفقرة كما يبدو جاءت ردا على سؤال ختمت به مقالي الذي جاء تعقيب الأميرعلى أثره والسؤال كان :متى تكون كل إداراتنا الحكومية مثل أرامكو؟ ، وتأسيسا على إجابة الأميرعلى السؤال ، هناك سؤالان ، وهما بطبيعة الحال ليسا موجهين إليه ، وإنما إلى مجلس الوزراء الموقر ، والسؤال الأول يتعلق ببناء الأجهزة الإدارية وإدارة المشاريع حيث من الواضح الترهل الإداري وتغوُل الروتين في الأجهزة الرسمية فلماذا لم تتم الاستفادة من تجربة أرامكو في تطوير وتغيير أجهزتها الإدارية طيلة العقود الماضية ، ولماذا لا تبادر الآن إلى تلك الاستفادة من التجربة القائمة ؟ إن الهيكلة الإدارية والأنظمة التي تحكمها ليست قرآنا ولا نصوصا أو إجراءات مقدسة وطالما أن أمامنا تجربة حية ناجحة داخل بلادنا في شركة لايقل حجمها عن حجم إحدى الوزارات فما المانع أن نستفيد من تجربتها في كل الهيكلة الإدارية ونطبقها بتدريج سريع يتجاوز سرعة تطبيقات الحكومة الإليكترونية التي مازالت متعثرة أو متوقفة في جهات كثيرة ، ولعل أبرز أسباب هذا التعثر أو التوقف الإليكتروني هو الترهل الإداري والعقلية الإدارية التي تتأبى على التطوير والتغيير ، وحتى لا نعمم فإن هناك جهات حكومية قليلة نجحت في تطبيقات الحكومة الإليكترونية ولعلها تكون بيئة خصبة لبدء هيكلتها إداريا على غرار أرامكو ، إن عدم المبادرة السريعة إلى تطويرأو تغيير كهذا سيظل لغزا لا يعرف حله إلا عتاة البيروقراطيين بعد أن يغادروا مواقعهم. السؤال الثاني يتعلق ب(الموارد والصلاحيات )التي تحصل عليها أرامكو ، والتي مكنتها من تحقيق نجاح ملحوظ في المشاريع التي تشرف عليها ، ولعل أبرزها مشروع جامعة الملك عبدالله – كاوست – الذي تولت الشركة بناءه شكلا ومضمونا في ظل دعم مالي كبير وصلاحيات واسعة أو قل مطلقة ، ولذلك نجحت نجاحا باهرا ، وطبيعي أن تكوينها الإداري والتأهيلي كان الأرضية الخصبة التي بموجبها منحت الموارد المالية الكبيرة والصلاحيات المطلقة ، ولذلك فقبل أن تصبح أجهزة الحكومة المختلفة في مستوى أرامكو إداريا لن أسأل لماذا لا تعطى مواردها وصلاحياتها ، ولكن إلى ذلك الحين سأسأل عن هيئة السياحة والآثار ، فمادامت الهيئة – كما قال الأمير سلطان بن سلمان – استفادت من أرامكو في بناء جهازها الإداري وإدارة المشاريع ، فلماذا لا تعطى الإمكانيات المالية والصلاحيات التي تجعلها تجرب تحقيق نجاحات في ميدانها كمشروع جدة التاريخية الذي نستنجد بأرامكو من أجله ، لماذا لا تتاح ذات الفرصة لهيئة السياحة؟