قرأتُ كمَنْ قرأ على صفحات (سبق) في الأيام الماضية خبرَيْن أوردهما الزميل سلطان المالكي، تضمَّن الأول مقطع فيديو للسفير السعودي في جمهورية مصر هشام ناظر وهو يتهكم برده على مواطنة سعودية قائلاً : (يا سلام .. يا سلام .. أنتِ عندك حلول؟) ، ويدير ظهره لها قبل أن تُكمل حديثها ؛ لتبقى تُردِّد قولها (لا إله إلا الله) ، وقد كان ذلك خلال جولة له على الرعايا السعوديين في مكان تجمعهم في مصر بداية حدوث المظاهرات التي شهدتها مصر ، والتي أمرت إثرها حكومة بلادنا الرشيدة بإرسال طائرات لنقل الرعايا السعوديين في مصر إلى السعودية. هذا التصرف للأسف الشديد لا يليق برجل يُمثّل وطناً بأكمله في ظرف شديد كهذا الظرف ، الذي ألقى بظلال الخوف والرعب في قلوب جميع السكان والمقيمين في مصر ، بمن فيهم السعوديون هناك ، سواء الدارسون أو مَنْ ذهب للعلاج أو غير ذلك .. وقد أهمل سفيرنا مسألة أن ما دعا هذه المواطنة إلى التساؤل هو خوفها وهلعها ، فضلاً عن أنها لم تَقُل منكراً حتى يتم التعامل معها بهذا الشكل! متناسياً ومتجاهلاً حديث والدنا خادم الحرمَيْن الشريفَيْن -حفظه الله ورعاه وردَّه إلينا سالماً غانماً معافى- عندما قال لجميع سفراء المملكة في الخارج إنهم وُضعوا لخدمة أبناء الوطن في البلدان التي كُلّفوا بها ، إيماناً منه -حفظه الله- بأهمية رعاية المواطن والوقوف إلى جانبه. أما الخبر الثاني فقد تضمَّن رداً لأحد المسؤولين بأحد المستشفيات بالعاصمة الرياض على ابنة مريض يعاني غيبوبة حينما سقط سقف العناية على والدها ، وتعرض للإهمال ؛ فهدّدت برفع شكوى ؛ فقال لها ذلك المسؤول : (أعطوها ورقة وقَلَماً) ، وردَّدها مراراً ، كما ورد في الخبر الذي نُقل على لسان منال عبدالله ابنة المريض القابع في ذلك المستشفى. وكم كنتُ أتمنى من صحيفتنا العزيزة (سبق) ، التي يشهد لها الجميع بحضورها الدائم في القضايا المجتمعية ونشرها ومناقشة هموم المجتمع في مساحة واسعة ربما لا تُتاح في المواقع الأخرى ، سواء الإلكترونية أو المكتوبة ، أن تذكر لنا اسم ذلك المستشفى واسم ذلك المسؤول ؛ فليس ثمة مشكلة في ذلك ؛ فلقد سَئِم المجتمع السعودي للأسف الشديد من عبارة (تحتفظ الصحيفة باسمه) أو ما شابهها بما لا يشير بشكل مباشر إلى بعض أطراف القضايا المنشورة. ردُّ هذا المسؤول ، وبهذه الطريقة التهكمية ، دلالة واضحة على سوء أدب في التعامل مع المرضى وذويهم ، وكم يَحِزُّ في النفس أن مثل هذه التصرفات تصدر ممن هم مؤتمنون على صحة المواطنين ، ولكنني أجزم بأن ما قاده لذلك هو أمانُهُ من العقوبة ؛ ف(مَنْ أَمِنَ العقوبة أساء الأدب). الخبران في مجملهما يؤكدان أن إنسانية المواطن السعودي لا تزال ممتهنة عند الكثيرين من المسؤولين ؛ ففي الخبر الأول كان بطل الحكاية المؤلمة سفيراً ، فيما كان بطلها في الخبر الثاني مسؤولاً في جهة مسؤولة عن صحة الناس. أتساءل ويتساءل غيري من المواطنين: هل لنا نحن المواطنين البسطاء أن نرى يوماً قراراً مُعلَنَاً بحق مَنْ يتصرف مثل هذه التصرفات السيئة بحق الإنسانية قبل أن ننظر إلى مسألة الحقوق التي يرى المواطن أنها حق مشروع له ولغيره من المواطنين؟ أعتقد أن ذلك لن يكون أبداً، ولعل اعتقادي يكون خاطئاً.