في صبيحة يوم كان رذاذُه يهمي في مدينة الرياض. يخاطبني هذا الرَّذاذُ خِطابا=يداعب وجهي جَيْئَةً وذهابا كأني به لو أدرك الصَّخْر سرَّه=وأبصر ما أبصرتُ منه لَذابا رذاذٌ خفيفٌ، أحسبُ الغيمَ صاغَهُ=حديثَ مُحِبٍّ مُدْنَفٍ فأصابا رذاذٌ كأنفاس الأزاهير حينما=تَمُدُّ إلى نُور الصَّباحِ رِقابا كإيقاع أوراقِ الزُّهور يَهُزُّها=نسيمٌ تهادى حَوْلَهَا وتصابى كضِحْكةِ طفلٍ ضمَّه صَدْرُ أمِّه=لها نَغَمٌ عَذْبٌ يُزيل عَذابا كراحةِ أمٍّ لامستْ رأس طِفْلِها=وأسْقَتْه من نَبْع الحنانِ رِضابا رذاذٌ كأني بالسحابِ يَزُفُّه=حنيناً إلى أرضٍ تُحِبُّ سحابا يُلامسُ وجهيْ ناعماً متلطِّفاً=ويرفع عن وجهِ الصَّفاءِ حجابا ويُغْلقُ بابَ الهَمِّ دوْنَ مشاعري=ويفتح لي نحو السَّعادةِ بابا رذاذٌ حَبَا وجهَ الرياضِ نضارةً=وزاد شبابَ الباسقاتِ شبابا كأني بمعنى الحُسْنِ جُمِّعَ كلُّه=ليصبح في هذا الرَّذاذِ مُذابا لقد طار بي هذا الجمالُ فلم أعُدْ=أرى الأرضَ أرضاً والرِّحاب رحابا فقدتُ صوابي؟؟ ربما كان فَقْدُه=هنا ، عندَ إيقاعِ الرَّذاذِ ، صَوابا إلى أين يا هذا الجمالُ تسوقني=تُراني سألقى للسؤالِ جوابا؟! ألا يا رذاذَ السُّحْبِ أرجوك مُهْلَةً=ليَرجعَ عَقْلٌ، مُذْ رأيتُكَ غابا أعِدْني إلى ميزانِ رأيي وحكمتي=ووعيي ولا تَأْخُذْ هَوَايَ غِلاَبا تعالى الذي أعطاكَ حسناً ورونقاً=فأصْبَحْتَ للحسنِ العجيبِ كتابا رأيتُ جلالَ اللهِ في كلِّ قَطْرةٍ=فلولاهُ ما أحْيا الرَّذاذُ تُرابا ولولاه ما ألقى السَّحابُ شُجونَهُ=رَذَاذاً ، وأرخى راحتيه وَطَابا ولولاه ما كُنَّا نُحِسُّ بما نَرَى=سماءً وأرضاً ، ظْلْمَةً وشِهابا فسبحانكَ اللهُمّ في كل لحظةٍ=أؤَمِّلُ فيها أنْ أنالَ ثوابا