عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز تميز بالإصلاح والتنمية المتوازنة ، وفوق ذلك قرب الملك من الناس والحميمية والعفوية التي يتعامل معهم من خلالها ، ولهذا ليس غريبا أن تسمع وترى المواطنين وهم يهنئون بعضهم بعضا بشفاء الملك وسلامته ، وتطلعهم إلى رؤيته سالما معافى في وطنه يحيطهم ويحيطونه بالمحبة والتقدير ، ولعله من يمن الطالع أن حفل الأسبوع الماضي بخبر شفاء الملك ومغادرته المستشفى متزامنا مع صدور الميزانية السنوية للدولة التي جاءت أرقامها مؤكدة نهجه في مواصلة التنمية في شتى القطاعات ومؤكدة أن القيادة حريصة على تقدم الوطن وتطوره في كافة الميادين فإذا تناغم التنفيذ الجيد مع تلك الإرادة والرغبة التي تؤكدها القيادة من خلال الميزانية سنويا فإن الأهداف التطويرية ستتحقق على خير ما يرام ، ومعنى هذا أن الكرة في ملعب التنفيديين الذين قال لهم الملك مرارا: لم يعد لكم عذر. إن على التنفيذيين أن ينظروا إلى الواقع وكيف تنعكس أرقام الميزانية عليه، ومن خلال تلك النظرة الواقعية يقيمون ما ينجزون ، وعليهم أن يتأكدوا أن الناس يقيمون إنجازهم في ضوء ما يتحقق لهم في الواقع قياسا بالأرقام المالية المتاح لهم صرفها. إن القيادة لا شك حريصة على أن تصب الميزانية في مصلحة المواطن كل مواطن بصفة عامة أما التفاصيل فهي من اختصاص المنفذين الذين يدركون ويعلمون أن لدينا عاطلين وعاطلات عن العمل ولدينا موظفون منذ سنين طويلة على ما سمي بالبنود بمكافآت لا تسمن ولا تغني من جوع ، ولدينا مرضى لا يجدون سريرا في مستشفى ولا علاجا ، ولدينا فقراء لا يجدون سكنا ولا معاشا ، وكل هؤلاء المواطنين من حقهم أن يأخذوا ما ينقصهم وينالوا ما يحتاجونه لأنه حق لهم ، ولهذا لن يشعروا أن ميزانية الدولة تصب في مصلحتهم ما لم يشعروا أن تغييرا إيجابيا حدث في حياتهم وأنهم نالوا تلك الحقوق ، هذا فضلا عن أن جميع المواطنين ينتظرون تغييرا ملموسا في البنية التحتية كلها سواء ما يتعلق بالخدمات ، أو التعليم العام , أوفي كل شؤون حياتهم اليومية ، تغييرا ينسجم مع الأرقام الضخمة للميزانيات التي تتوالى ضخامتها وتتنامى سنة بعد أخرى منذ بضع سنوات عدا الفوائض السنوية الهائلة. إن المتأمل في أرقام الميزانيات الضخمة على مدار السنوات الماضية ويقارنها بما تحقق حتى الآن على أرض الواقع يلحظ أن هناك خللا في التنفيذ أفضى إلى وجود هوة واضحة بين الأرقام المالية وآثارها وهي هوة لن يتم ردمها إلا برقابة ومحاسبة صارمتين واضحتين وتغييرات جذرية مهمة في التنفيذيين على مختلف مستوياتهم تطلعا إلى الأكفأ والأقدر على تحقيق طموحات القيادة. إن المواطن الذي يحمد الله على شفاء المليك ويدعو له بالصحة والسلامة والعمر المديد إنما يفعل ذلك لإدراكه لما فعلته وتفعله القيادة من أجله من الجهد والمال والنية المخلصة ، ولذلك فإن هذا المواطن سيصب جام غضبه على المسؤولين التنفيذيين عندما لا يجد عملا أو لا يجد سريرا في مستشفى أو لا يلحظ أي تطور في حياته رغم ما تبذله القيادة من أجله. الناس شهود الله في الأرض.