عني وعن أبناء جيلي الحزين الضائع أقول : أم كلثوم ، تتحمل الذنب كاملاً من الحزن إلى الضياع. من يزعل يزعل ، ومن لا يزعل يحافظ على صحته أولاً ، ولكني أقولها بصوت مرتفع : أم كلثوم سبب رئيسي لتخدير جيل كامل من الشباب. ما الذي أخذناه من أغاني أم كلثوم التي تعاد يومياُ في عشرات الفضائيات العربية؟ وما الذي أخذناه من أم كلثوم وأغانيها الكئيبة الطويلة والمحبطة غير التسّدح واستهلاك الشاي والجراك والسهر إلى ساعات متأخرة من الليل؟ هذا يحدث مع أغنيات كلها دموع وويلات وانهزام وبكاء وعويل ، ومع صوت لا يطرب ولا يشد ولا يحرك فينا إلا مزيدا من الرغبة في النوم والخمول وعدائية الآخر ، على اعتبار أننا دائماً مظلومون ومظهريون وفاشلون حتى في العشق، وكل واحد منا يسأل الذي بجانبه : (أروح لمين؟) ....). غنت (هل رأى الحب سكارى مثلنا) .. ومن يومها وأنا وجيلي نترنح كما لو كنا سكارى لا سمح الله. أم كلثوم ليست موضوعي ، بل موضوعي هو النهج الجميل الذي تنتهجه الفنانة هيفاء وهبي في أغنياتها الفرحة العذبة المتفائلة مثل أغنيتها (بوس الواوا). من يقول عنها أغنية تافهة مخطىء ومغالط. إنها أغنية حياة وحركة وأمل وتفاؤل ولعب وطرطشة ماء ومشاركة وطفولة. ألتفت لهيفاء بكامل وجهي لأقول : أنا وجيلي المحبط المهزوم معك قلباً وقالباً ، ولسنا على استعداد أن نبوس (الواوا) فقط ، بل لدينا استعداد تام لأن نبوس (الواوا) ونبوس كل من يعزّ عليه. (بجد) مللنا وتعبنا وركضنا كالمجانين مع ظلنا ، والآن نريد أن ننسى أم كلثوم وأم المعارك وأم (44).