كيف تكون بداية الأديان وكيف تصبح؟!.. بداية واحدة لخط مستقيم.. يتفرع بفعل الأتباع إلى خطوط متعددة.. جميعهم يؤكدون أنهم على نفس نقطة البداية.. يمضون على نفس الخط والنهج.. وهذا ادعاؤهم، فكيف يختلفون؟! في أفضل الأحوال، هي نتاج اجتهاد وفهم وتفسير مختلف.. في فترات محددة.. تحت ضغوط محددة.. وفق استنتاجات ظرفية.. النتيجة، نهايات مؤلمة.. لأتباع حائرين.. جميعهم يدعون الحقيقة المطلقة. وهذا ديننا الإسلامي.. ماذا جرى لأتباعه؟!.. أصبحوا فرقا ومذاهب وأعداء.. كيف بدأ الخلاف والاختلاف؟!.. وكنا نجهل الكثير.. إلى أن أتت الفضائيات.. تغذي إحياء معارك.. انتهت من عشرات السنين.. معارك ميتة.. يحركها أصحاب المصالح .. تحرك فتنا نائمة .. تستجر أحداثا غابرة غامضة.. ونقف حيارى نتساءل.. هل هذا هو ديننا الإسلامي الذي ندعيه؟! نتحدث عن حروب مذاهب الدين الواحد.. لا نريد أن نستقي معلوماتنا، عن المذاهب، من القنوات الفضائية.. قنوات للتشكيك حتى في قناعتنا عن الدين نفسه.. مع زخم المعلومات التي يقدمها الفرقاء، هل أصبح إحياء الدين مطلبا ضروريا؟!.. اعتقد بصواب هذا التساؤل.. لتبدأ الدعوة الإسلامية من جديد.. لنتجاهل ما حاط برسالته من خلط.. ولكن كيف نبدأ وكل فريق يدعي الحقيقة المطلقة؟! في السرد التاريخي .. نجد أن الديانة الواحدة تشعبت إلى معتقدات مختلفة .. أعطت الفتن .. والقتل والدمار .. بحجة أن الطرف الآخر على خطأ.. منزلق تاريخي وقعت فيه امة الإسلام. الأمثلة واضحة ماثلة.. نعيشها اليوم بكل حذافيرها.. اختلاف يعطي الأطراف حق إصدار الأحكام على الآخرين.. كل طرف يرى ما لا يراه الطرف الآخر.. في نهاية المطاف، تفسيرات تستند على حقائق، ينسف حقيقتها الطرف الآخر.. وتغذى بفعل الفاعلين. تصلبت القناعة في النفوس.. تشبع الأتباع بمكنونها.. تصلبت في كتب التاريخ عبر العصور.. أتباع زادوا على قوة زوايا الاختلاف والفرقة.. تصلبت الزوايا، فكيف يلتقي الجميع على خط واحد؟!.. الصحيح أن يكون هذا الاختلاف، أداة للهدم والتدمير، فهو ما يجب تجنبه من كل الأتباع. هل تغير الدين والرسالة الإسلامية، بعد موت الرسول (صلى الله عليه وسلم)؟!.. هكذا يبدو من نزال القنوات الفضائية.. هل يملك الأتباع صكوك الجنة والنار؟!.. اختلاف العلماء في الدين رحمة كما يقولون.. لكن كيف أصبح الإسلام ملطشة الجميع؟!.. من الصادق؟!.. من الكاذب؟!.. الأمر ليس كاختلافنا على ملح الطعام.. من يحدد صحة ادعاء هذا المذهب أو ذاك؟!.. هل هو الحب؟!.. أم الكراهية؟!.. أم المصلحة؟!.. أم العادة؟!.. وهناك أشياء أخرى غير بريئة. اليوم تزداد شهيتنا لتحريك الاختلاف.. وتجاهل أشياء يلتقي عندها الجميع.. وعبر تاريخ الاختلاف والصراع القائم، فشلت العقول في تثبيت الاختلاف عند نقطة محددة.. لم يعطوا الفرصة لمساحة التعايش السلمي.. إصدار الأحكام تزيد الطين بلة. ويظل التعامل هو أساس الحياة.. بغض النظر عن الأهداف التوسعية للأتباع.. تحركها أطماع لا تمت للدين والحياة الآخرة بصلة.. رغم أن الجميع يدعي بدفاعه عن الدين نفسه.. أمر محير في مسيرة أتباع العقائد حتى على منبر الدين الواحد. هناك علماء يقودون هذه العقائد.. وحتى اليوم.. يلوكون في موروث عقائدي لم يكن له أصل.. لكن المغالاة ومصالح وتفسيرات النفوذ.. تأخذ بالأتباع إلى كراهية الطرف الآخر. اليوم نبحث عن علماء جدد.. قادرين على الاجتهاد الذي يبني للتقارب.. وليس الاجتهاد الذي يبني للمزيد من التباعد. المشكلة التي تغيض جميع الأطراف..تكمن في موضوع التكفير.. يخرج الطرف الآخر من الدين كله.. أمر يدعو للدهشة.. الدين مكسب للبشرية، وليس أداة للإقصاء.. والقتل بحجة الدخول في الجنة. كيف يمكن، تعزيز أتباع الدين الواحد، لبناء العقل لصالح السلام؟!.. أمر مهم.. ومطلوب لبناء الحياة الكريمة.. وتحقيق كرامة الإنسان. حتى التطاول.. على الرموز الإسلامية والنصوص القرآنية.. أصبح عادة غير مستنكرة.. حتى المبشرون بالجنة يكفرون.. ويشك في نواياهم.. أي دين هذا الذي يقوم على الشك والنوايا، وعلمها عند ربي؟! هوس الاختلاف الديني.. أداة.. في يد أعداء الأمة.. يحركونها متى رغبوا.. في إحدى مراحل حياة الأمة، وكانت تحت الاستعمار.. انشغل علماء الدين الإسلامي بجدلية استمرت قرابة القرن.. علماء اختلفوا حول الشاي.. هل هو حرام أم حلال؟!.. هكذا، والاستعمار جاثم على القلوب.. هل تغير الوضع؟!.. انحسر الاستعمار الأجنبي.. وبقينا نستعمر عقولنا وأنفسنا بالاختلافات والخزعبلات في الدين.. نظلم أنفسنا وإسلامنا.. المصيبة، “أنا مسلم” لم تعد تكفي.