نتحدث عن زواج القاصرات من منظور ديني واجتماعي وننسى عنوسة الفتيات التي بلغت أرقاما قياسية، حيث تجاوزت المليون ونصف عانس في مجتمع منغلق، وفي غلاء مزدوج في المعيشة والمهور !. نتجادل طويلا حول البطالة وغرق الشباب في هذا المستنقع الآسن، ونتجاهل دور مخرجات الجامعات النظرية والتي لاتلبي احتياجات سوق العمل، وتهميش وتطفيش مؤسسات وشركات القطاع الخاص للعديد من المؤهلين علميا وعمليا، وتفضيل العمالة الوافدة على كل مواطن كفء !. نثرثر كثيرا حول حق قيادة المرأة للسيارة ونهمل قضاياها الرئيسية وحقوقها المشروعة سواء المادية كالإرث وممارسة أعمالها التجارية ومعاملاتها المالية دون وكيل يراجع عنها الدوائر الحكومية، أو وصي يستولي ويتصرف بممتلكاتها الشرعية، أو كانت حقوقا معنوية كحمايتها من العنف الأسري أو العضل أو ما يتعلق بمسائل الطلاق والحضانة والإنفاق!. نتراشق بالفتاوى ونغض الطرف ونصم الآذان عن الفساد الإداري والمالي والرشوة والاختلاس، ونهب المال العام في الداخل والخارج، وتزايد أعداد الفقراء ومن هم تحت خط الفقر، وتلاشي الطبقة الوسطى التي تعتبر هي المحرك المنتج والإيجابي لدورة الاقتصاد في أي بلد!. نتسابق كالجوعى إلى المراكز التموينية لملء عربات التسوق بما نحتاجه وما تحتاجه سلال المهملات، ثم نتسمر كالأطفال أمام شاشات العرض الفضائي الرمضاني لمتابعة مسلسل باهت أو المشاركة في مسابقات ساذجة، متناسين آلاف الأسر التي لاتملك ما تبل به ريق أطفالها وتشبع به جوع أبنائها!. نتشدق بالتعامل الإيجابي مع الآخر، ونحن نفتقده مع أولادنا ومؤسساتنا الاجتماعية الصغيرة ومؤسساتنا التعليمية الكبيرة، بل إننا نسعى بشكل أو بآخر لتكريس ثقافة الإقصاء مع كل من يختلف معنا أو يخالفنا الرأي!. نتفاخر بأعظم المنجزات الطبية، وملفات مستشفياتنا تعج بالأخطاء الطبية وتعاني من الوهن الصحي والنقص الدوائي والترهل الخدماتي، ومازال مرضانا ينتظرون بالأشهر لإجراء كشف أو إتمام عملية جراحية بسيطة!. ننظر بعمق ونحن سطحيون، نجتر فتوحات الماضي التليد وبطولات الحقبة الذهبية ونحن نعيش خارج منظومة العالم المتقدم الذي يعيش المستقبل بكل أبعاده، مع أننا نملك كل مقومات ومعطيات التطور المعتدل والتحضر المقنن .. ويكفي!.