نعم عندما يتحكم بعض العمال الوافدين في العباد وهم فئة مستضعفة وغلبانة ومظلومة في كثير من الأحيان وخاصة من قبل بعض أصحاب المؤسسات الصغيرة قبل الكبيرة، ورغم كل ذلك إلا أن لهم هيمنة عجيبة في تسيير كثير من جوانب حياتنا شئنا أم أبينا، فبأيديهم فعل ما يريدون ولن تستطيع أية قرارات أو تعميمات أن تضع لهم حدودا يقفون عندها أو خطوطا حمراء لا يتجاوزونها، لا لأنهم يملكون أسلحة نارية ولا حتى هوائية، وإنما لأننا نحتاج إليهم وإلى جهودهم وقواهم الجسمية، وذلك سرهم الخفي المعلن، فبدونهم ستبقى شوارعنا وأزقتنا أكواما من الأمراض والأوبئة، بل إن بيوتنا ستكون أسوأ من الشوارع، وسنبقى جوعى لا نجد خبزا نأكله أو حتى صحن فول نفطر عليه، وستكون مدارسنا ومستشفياتنا وجميع مؤسساتنا الحكومية والتجارية صورة كئيبة من العفونات والقاذورات..!! قبل عدة عقود ملأت شوارع وأزقة مكةالمكرمة أكوام النفايات لأسابيع بسبب خلاف نشب بين البلدية وعمال النظافة (كان يطلق عليهم الكناسين) ولم يكونوا يومها تابعين لمؤسسة نظافة ولا تحت مسؤولية أي متعهد -كما أعرف- ولكنهم كانوا أفرادا من الإخوة المقيمين إقامة نظامية وكانوا يعملون تحت مظلة البلدية مباشرة، ويبدو أن الخلاف بين الطرفين كان حادا وأن موقف البلدية كان شديدا فرفضوا العمل وتوقفوا أو بالأصح أضربوا عنه، وكان ما كان..!! قبل سنوات أخبرني أحد الأشقاء السودانيين الذي كان يعمل مراقبا للعمال في إحدى الشركات القائمة بأعمال النظافة لشوارع المدينةالمنورة أنه وجد أحد العمال يقف مستندًا إلى عمود بأحد الشوارع، فطلب منه القيام بعمله وعدم الوقوف، فرفض العامل وبكل إصرار مخبرا إياه أن رصيده في البنك حوالى أربعين ألف ريال من غسيل السيارات وأنه لا يحتاج إلى عمله بشركة النظافة هذه..! هذه بعض الصور التي تؤكد كم هي أهمية وضرورة الآخرين الذين يقدمون لنا خدمات كثيرة في بلادنا وكم نحتاج إليهم، وكم يملكون من أزمة الأمور، بمعنى آخر أنهم يمسكون برقابنا بأساليب مختلفة في الوقت الذي لا نعمل جاهدين بحق في الاستغناء عن أكثرهم رغم ما يسمى بالسعودة، ولا أدري هل بإمكاننا ذات يوم أن نتحكم نحن في مسيرة حياتنا، وألا نحتاج إلى أي أحد سوانا في بناء بلادنا..؟