- مسألة أن تنقد وتمارس التقريع بحق أي عمل مسألة سهلة لا تتجاوز بضع كلمات، أما مسألة أن تنتقد حالة أو قراراً أو مشكلة وتبادر في خضم الانتقاد بوضع الحلول فهنا يكمن الصعب. - العمل، أي عمل في مجال الرياضة.. في المنتخب.. في الأندية.. في لجان اتحاد الكرة.. لا يكاد يمر دونما يكون لنا وقفة ناقدة تشخصه، لكن هذا التشخيص في الغالب ليس إلا محاولة فاضحة لجلد الذات. - الكل ينظر والجميع يتفلسف، ولو سألت من بين الكل والجمع عن أهل الاختصاص لخرجت من بعد السؤال وأنت في قمة الإحباط. - لماذا نحن ميالون إلى مخالفة المألوف؟ ولماذا نحن مغرمون حد الوله بلعبة الخروج عن النص؟ - ففي صورة النقد كمهنة وكمهمة لم تعد المسألة مسألة نقد، بل أضحت المسألة مسألة تجاوز حتى على الثوابت، وكون التجاوز بات عملية ميسرة لكل حامل قلم ولكل صاحب صوت فالخطورة هنا قد تكلفنا وتكلف مجالنا الرياضي الشىء الكثير. - لايمكن في ظل ما يحيط بمهنة النقد المكتوب من سواد أن نصبح مبالغين في سرد تفاصيل التشاؤم، كما ليس من المنطق المقبول أن نصبح على النقيض مفرطين بالتفاؤل.. لا سيما ونحن اليوم نتعايش مع مفردة إعلامية مطاطة هي أشبه ما تكون بالحروف المتقاطعة التي لا تفهم. - أعود لمسألة النقد، وأعود لتجارب المنتخب ومعسكره واسأل الذين سنوا رماحهم عن سر هذا التشاؤم وعن سر ذاك النقد المبطن وعن أسباب هذه الحملة ومسبباتها. - اسأل عن هؤلاء ولن أجيب على السؤال.. لكنني في دائرة الإلمام بواقع المنتخب ومستقبله لا زلت عند قناعتي بأن مثل هذا المعسكر ومثل تلك التجارب خطوة في الطريق الصحيح.. بسبب أن هذه التجارب تحديدا جاءت لتكون بمثابة الدعم الحقيقي والمهم للأسماء الشابة التي وجدت نفسها في قائمة المنتخب. - نواف العابد.. الفريدي.. الجيزاوي..النمري.. يحيى الشهري.. أحمد عباس.. والبقية الباقية من القائمة هم المستفيدون من هذا المعسكر ومن تلك التجارب، وعندما تصقل هذه الأسماء فنيا وبدنيا ومهاريا وأمام منتخبات قوية لها تاريخها.. فهذا هو المطلب الضروري الأول لبناء منتخب سعودي قوي يحافظ على مكتسبات الماضي ويضيف لهذه المكتسبات المزيد. - يفترض أولا وقبل أن نجلد المنتخب وإدارته بوسيلة النقد المكتوب أن نكون أكثر وعيا بمتطلبات وشروط هذه المرحلة التي يحتاج فيها الأخضر للمزيد من التحضير الفني واللياقي والبدني لا أن نبقى مجرد (مستكتبين) نكتب ونمحو ونكرر ونعجز في الأخير عن تقديم رؤية نقدية صحيحة مفيدة وعميقة يمكن لها أن تكون وثيقة عمل مستقبلي ليس للمنتخب فحسب وإنما للأندية والرياضة بوجه العموم. - عموما تجربة الأخضر أمس الأول أمام الإسبان جميلة، فرغم الخسارة بالثلاثة إلا أن لها بعدا مهما يتعلق بزيادة معدل الثقة في نفوس تلك الأسماء التي أجزم بأنها ستكمل صناعة التاريخ.. أعني تاريخ الأخضر السعودي الذي لا يزال محفوظا في ذاكرة الزمان والمكان ولن ينسى. - فالثقة وليست المهارة هي العنصر المهم الذي يجب تفعيله في فهم وتفكير اللاعب السعودي.. وسلامتكم.