هناك آليات يعرفها المتخصصون لمتابعة ورصد المشتبه بهم أمنياً أو أخلاقياً إلى أن يتم القبض عليهم متلبسين بالجرم، والأجهزة الأمنية بمختلف تخصصاتها لا تقبض على أحد لمجرد الشبهة وإنما تتحرى بطرقها الخاصة إلى أن تجد ما يستوجب إجراء عملياً بحق المشتبه به، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بصفتها جهازاً أمنياً مهمته حراسة الأخلاق والأعراض تتبع ذات الآلية مع مروجي الخمور والمخدرات وصانعيها، ومع مبتزي النساء اللواتي يشتكين من الابتزاز، وهذا دور تشكر عليه، لكنها فيما يبدو لا تتبع الآلية ذاتها مع حالات (الخلوة) والعلاقة غير الشرعية بين الرجال والنساء، وما حدث للعريس مع شقيقاته في الرياض، ولرجل مع زوجته في المدينة خلال الأيام القليلة الماضية ليس أول الأدلة ونرجو أن تكون آخرها. وبعيداً عن الحادثتين المذكورتين وملابساتهما، وما سيسفر عنه التحقيق فيهما، أريد أن أسأل الهيئة سؤالاً أعتقد أن إجابته مهمة لكل المواطنين والمقيمين، والسؤال يقول:هل من حق رجال الهيئة سؤال أي رجل عن علاقته بالمرأة التي يسير أو يجلس معها في مكان عام؟، وقد يقول قائل أليس من الممكن أن تكون هذه المرأة ليست من محارمه؟ وأقول بلى، قد تكون، بل وقد يكون بين الاثنين علاقة محرمة لكنهما الآن في مكان عام فهل يجوز لرجال الهيئة سؤال أي منهما عن علاقته بالآخر؟، قد يقول آخر هناك مؤشرات لطبيعة الموقف منها اللبس أو الحركات أو الهمسات أو نحو ذلك، وهنا أستطيع أن أؤكد أن هذا ليس مؤشراً أبداً لسببين، الأول أنه أمر مرتبط بثقافة الناس من جهة ومن جهة أخرى فإن أي اثنين يرتبطان بعلاقة غير شرعية لايمكن أن يعبرا عنها في مكان عام إلا إن كانا في حال غير طبيعية عقلياً وهذه حال أخرى غير ما نتحدث عنه، وأخيراً قد يقول آخر وما المشكلة طالما أنك تستطيع إثبات علاقتك الشرعية بمن معك؟ ومع أن هذا السؤال يبدو بريئاً إلا أنه عميق الخبث ففضلاً عن كون الإثبات يتطلب آلية لا تخلو من امتهان وإساءة فإنه يشرع لأمر خطير يتمثل في أن كل رجل وامرأة مع بعضهما في أي مكان هما متهمان إلى أن يثبتا براءتهما، وليس هناك شرع ولا نظام ولاعقل يقبل بهذا، ولا أعتقد أن هيئة الأمر بالمعروف تقره، لكن بعض أفرادها الميدانيين قد يعتقدون ذلك وفي ضوء اعتقادهم هذا يقعون في أخطاء جسيمة، تسيء إلى أبرياء وهذا هو الأهم، وتسيء إلى سمعة جهاز الهيئة بأكمله، بل وتسيء إلى سمعة المملكة، الأمر الذي يتطلب في نظري من الشيخ عبدالعزيز الحمين رئيس الهيئات أن يكتب مقالاً أسبوعياً، أو يطل عبر الشاشة أسبوعياً لتوعية مزدوجة مهمة يبثها للجمهور والأهم لرجاله في الميدان، فمن المهم أن يعرف الجمهور التعليمات التي تعطى لهم لتكون حجة لهم وعليهم، ومن ضمنها إجابة السؤال أعلاه إذا سمحتم.