نحن لا نبيح لأنفسنا الجمع بين ألوان الضحك، وألوان الكذب "على صعيد واحد" من باب العلاقة المشتركة بينهما: أي أن الضحك قد يكون كذباً، وأن الكذب قد يكون ضحكاً..؟ والكذب - عند البعض - له ثلاثة ألوان: أبيض، وأسود، ورمادي. الأبيض يدخل في قائمة المزاح الخفيف، والمزاح الثقيل، ولكل منهما مخاطره، والأسود هو الكذب مع سبق الإصرار، والرمادي هو الذي يجعل المُرسل، والمستقبِل في حيرة من أمرهما..! ويرى - هذا البعض - ان الكذب الأبيض له مزايا، وله عيوب، ومن مزاياه أنه لا ينفع، ولايضر، ومن عيوبه أنه قد يشجع صاحبه على احتراف الكذب مستقبلاً، وهذا أخطر ما في هذا النوع من الكذب.. ويعتبر الكذب الأسود - هو الأخطر - على الإطلاق - حيث له عيب واحد، وميزة واحدة، أمّا العيب فهو أنه "قبيح الشكل، قبيح المضمون، قبيح الغاية، قبيح الوسيلة".. وأما الميزة فهي في خوض هذه المغامرة من قبل الكاذب فإذا - نجح في المهمة - كانت المكاسب كبيرة، وإذا فشل كانت الخسائر شبه مقبولة. والضحك - عند البعض الآخر - له ثلاثة ألوان: أخضر، وأصفر، وأحمر - مثل إشارات المرور - تماما، الضحك الاخضر هو الذي يخلو من الصناعة، ويبتعد عن التكلّف، ويتخلص من التفنن فيصدر طبيعيا من الوجه، والعين، والقلب معا.. ويكون وجه صاحبه مستديراً، مستطيلاً بعض الشيء، والضحك الأصفر هو الذي ليس له طعم، وله صوت، يأتي من الصدر، تسمع صوته كأنه صخرة سقطت من الجبل إلى السفح، ويكون وجه صاحبه مرتفعاً، منخفضاً بعض الشيء. ويعتبر الضحك الأحمر هو الأخطر على الإطلاق - فصاحبه وهو يُطلقه يبدو جالساً وهو واقف، وجائعاً وهو مُتخم ومتسولاً وهو موسر، وجبانا وهو شجاع، وكريما وهو بخيل، ويبدو وجه صاحبه داكنا، فاتحاً، مُختلطاً، ليس طويلاً، وليس عريضاً، وليس قزماً، وليس عملاقاً. ويقولون عن الضحك "إنه يُحرك أكثر من أربعين عضلة" في الإنسان، وانه تمرين ل حيوية المشاعر، والأحاسيس، ويُُحافظ على خفة الظل، ولياقة الروح، وقدرة الانسان على العيش بسلام مع الآخرين". ويقولون عن الكذب "إنه يُسبب أذى للمشاعر، والأحاسيس ينعكس على صاحبه، ومصدره بعد وقت قصير من ممارسته". ويتمادون فيقولون ان الصحفي إذا كذب فذلك سبق صحفي، وأن التاجر إذا كذب فذلك ترويج لتجارته، وان الموظف إذا كذب فذلك تأكيد على مدى حبه للروتين، وتعلقه به، وإذا كذب المحامي فإنه يُؤمِّن لنفسه حياة معيشية راقية.. أمّا أسوأ الصفات فهي كذب الغني الذي يُعتبر نوعاً من أنواع الدعابة بعكس كذب الفقير الذي يعتبر نوعاً من أنواع الاستهانة بآداب المجتمع، وقيمه.