كل ما تسمعه أو تقرؤه اليوم مما أسماه إمام الحرم المكي الشريف الشيخ عبدالرحمن السديس \"حالات لغط\" سيصبح في أحسن حالاته مجرد ذكريات. مشاريع الإنماء والإعمار الكبرى لا يمكن تعطيلها أو إيقافها بحالات لغط، وصفة \"الكبرى\" هنا ليست مجرد صفة تمجيد، وإنما هي فوق ذلك، استدعاء لسياق أفضى إليها، فالمشروعات الكبرى تقوم على دراسات عميقة من كافة جوانبها، تشمل الواقع والمستقبل وتقف عند كل صغيرة وكبيرة من حيث الوجود والتأثير، مما يعني استعدادها لكل أمر متوقع أو محتمل الوقوع، وهذا ما يكسبها صفة \"الكبرى\" لأنها بصدد إحداث تحولات في حياة وفكر شعب أو مجتمع كامل أو أمة. وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية واحد من المشاريع الكبرى في مسيرة الإنماء والتطوير والإعمار التي يقودها الملك الصالح عبدالله بن عبدالعزيز، واللغط الذي دار ويدور حولها، ليس جديداً فله نظائر وأشباه مرت وستمر، مع كل مشروع كبير في هذا المستوى، فقد حدث مثل هذا اللغط حول مشروعه حفظه الله للابتعاث الخارجي. وحدث مثله عند توسعة المسعى، وعند مشروع تطوير القضاء، وعند مشروع تطوير التعليم العام، وهو \"لغط\" عريق حدث عند بدء تعليم البنات منذ أكثر من خمسة عقود، وعند بدء الأخذ بمعطيات التكنولوجيا الحديثة قبل ذلك أيام الملك عبدالعزيز رحمه الله. ومع ذلك فالمشاريع الكبرى تظلّ \"كبرى\" في منطلقاتها وحجمها وانطلاقها ونجاحها وتكوين القناعات الإيجابية بها وترسيخها، بينما يتلاشى \"اللغط\" ويسقط ويتحول إلى ذكريات بعضها يصبح موضعاً للطرافة والتندر. ولك أن تتصور لو أن الدولة منذ تأسيسها حتى الآن استجابت أو خضعت لحالات اللغط هذه، فإنها لن تستطيع فتح شارع في بعض الأحياء، أو بناء مدرسة أو مستوصف في بعض القرى، أو إنفاذ أي خطوة تنموية مما أصبح بعد ذلك موضع مطالبة ملحة بعد أن ثبت للجميع ضرورة وجوده وفعالية المضي فيه، داخل إطار الشريعة السمحاء والمجتمع المسلم. قطار الحياة يسير إلى الأمام ولا مناص من السير في ركابه مادياً ومعنوياً وكل مسلم يعي أبعاد حقيقة الاستخلاف في الأرض لن يجد غضاضة في اتخاذ مكانه اللائق بين أمم الأرض، أما الذين يتوهمون القدرة على إيقاف القطار فإنهم كناطح صخرة يوماً ليوهنها.. إلخ.